من الاعمال والمبادرات الصحفية التي تستحق الاهتمام والثناء ذلك المجهود الذي قامت به الاخت الصحفية رقية الزاكي والتي قطعت المسافة الي بورتسودان بمشاعرها قبل مشاق السفر لتلتقي أهل وأقارب الشابين اللذين قتلا في الغارة الاسرائيلية الغادرة علي شرقنا الحبيب قبل أيام .. رقية سجلت مشاهد وحروفا ناطقة للجانب الاخر من المأساة ووثقت لظلال الحدث بقلم حزين .. وقلب كسير .. والمادة يجدها القارئ علي صفحات الرأي العام الغراء عدد الاحد 24 ابريل 2011 ..وقبل التعليق علي الجزئية التي أسرتني في رحلة رقية أجدد قناعتي بضرورة واهمية انتقال الصحافة الي الولايات واطراف السودان البعيدة لتقف عن قرب علي وجع الناس وهمومهم .. وفي خروج الصحافة من زحمة الخرطوم الي فسحة ونقاء الريف والمدن البعيدة لايجدد الصحفي دواخله ومعنوياته وحسب , بل يكتشف مساحات جديدة للعمل الصحفي تكسبه تجارب لاتقدر بثمن وتضعه وجها لوجه امام الحقائق والقضايا الحقيقية للناس .. وتعطي الصحفي تجربة ثرة عن القوالب المتعددة والمتنوعة للعمل الصحفي المتكامل هذا فضلا عن فوائد اخري كثيرة ليس اقلها ولا اخرها احساس الصحفي الخاص باهمية وخطورة رسالته النبيلة .. فالصحافة هي مهنة البحث عن الحقيقة ومعايشة الواقع كما هو بلا مساحيق ولا رتوش !! قلت قبل أشهر لاخي الاستاذ العبيد مروح إن صحافتنا تضيق واسعا بغيابها عن هموم وقضايا الولايات التي لاترد في الصحف الا عبر اخبار الخلافات والتوترات التي يثيرها من وقت لآخر الذين ادمنوا السياسة الولائية كحرفة تدر عليهم المال والتسهيلات بلا ادني كلفة .. فإن اعطوا من مال الجماهير رضوا وإن منعوا سخطوا وطالبوا بتغيير الوالي أو الوزير ومن في عهده من المعتمدين ومدراء الوزارات .. بل وتمتد المطالبة الي المناداة باصلاح شامل في مسيرة الحزب حتي لايفقد مصداقيته وحراكه وسط القواعد !! يمكن للصحافة أن تكون برلمانا للشعب وناديا للبوح بصغار هموم الناس وكبارها .. هذا ان ذهبت الصحافة للاصقاع والنجوع وجلست هناك زمنا ثم عادت بحصيلة وحزمة من المواد الصحفية التي ترفع تلقائيا توزيع الصحيفة في الولاية والمنطقة المعنية .. فالناس تحركهم شؤونهم الخاصة فمتي ما وجدوا ما يخصهم علي صفحات صحيفة تلقفوه .. بل يصيرون من بعد زبائن دائمين لها اتفقوا معها او اختلفوا .. ربما تضيق المساحة بملاحظات عايشتها علي أداء عدد من مراسلي الصحف اليومية بالولايات عامة وولاية النيل الابيض خاصة .. لكن ما يمكن الاتفاق عليه هو ان بعضا من هؤلاء يفتقدون للتدريب الكافي لتقديم خدمة صحفية متنوعة ويغرق بعض المتعاونين منهم في قضاياهم الخاصة مما يفقد الصحافة كمهنة مصداقيتها عند الذين يعايشون الاحداث يوميا ويقفون علي ادق التفاصيل في قراهم ومدنهم .. ولايمكن ايضا ان نلقي بتبعات غياب الصحافة الولائية عن مجمل المشهد السياسي والاجتماعي في الولايات علي المراسلين وحدهم .. فالصحف لاتوفر المعينات الضرورية واللازمة لمن تتعامل معهم كمراسلين ولاتقدم لهم ما يكفيهم من مال حتي لايقعوا في دائرة استئجار المساحات التي تتاح لهم !!ولان اهل القري علي سجيتهم وصدقهم يأسرهم كثيرا الطرق علي نقاط ضعفهم في مواسم الحزن والفقد الجلل تماما كما هو حال اهل ضحايا الصواريخ الاسرائيلية علي بورتسودان .. في كلمات معبرة ومؤثرة ودامعة قالت زوجة الفقيد احمد جبريل لرقية الزاكي : أسي دة بيت زول تاجر سلاح ؟!!! .. سؤال محزن حقا .. ثم طوت العروس التي لم تكمل مع عريسها نصف عام من زواجهما صفحة حزنها الباكي والكلام كتلو عشان شنو ؟!! .. عمل ليهم شنو ؟!! .. ثم تنهدت في أسي لتقول بكل حزنها المقيم الله يحرق الحرقوا .. شكرا لك يارقية علي هذا المجهود الصحفي الرائع برغم انه اوجعنا حد الحزن ولكن كما ترددين مقولة الحلنقي نفس بلا حزن كحجر ملقي علي الطريق !! ..