حظيت القبائل السودانية بمجموعات من الدراسات الانثروبولوجية (علم الأجناس) من علماء وباحثين وإداريين ..ولعل أول من كتب في هذا المجال الرحالة الأجانب الذين زاروا السودان منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي ومطلع القرن التاسع عشر وقد كان ذلك من كتاباتهم ووصفهم لرحلاتهم فكتبوا عن البلاد والبشر. ولكن الكتابة التي سطرها الإداريون البريطانيون ومعظمها نشرت في مجلة السودان في رسائل ومدونات (S.N.R) والتي تأسست في عام 1918م وما زالت تصدر إلى اليوم وفي طبعة جديدة تحت إشراف وإدارة البروفيسور يوسف فضل حسن.. وتكاد تكون الدورية الوحيدة السودانية التي ما زالت تصدر حتى يومنا هذا. فإذا قلنا أن حضارة السودان قد صدرت معها في ذلك التاريخ ، ولكن ما لبثت أن توقفت حضارة السودان في عام 1938م.. ولكن المجلة التي تصدر وبنفس التحكيم العلمي الصارم مع ترقيم جديد للمجلدات والإعداد ولا أدري الحكمة التي دفعتهم للتخلي عن الترقيم القديم المتواصل والذي كان من المفروض أن يكون قد شارف المائة عدد. فالمجلة ما زالت محتفظة بعنوانها وشكلها وعلميتها ووقارها ونوعية كتابها ومقالاتها ولم تتخل سوى عن الأرقام المتسلسلة للأعداد! فقد ظل الإداريون البريطانيون يرفدون المجلة بأبحاث وكتابات عن قبائل السودان وذلك من خلال ملاحظاتهم ومقابلاتهم لزعماء تلك القبائل وقادتها والأخذ منهم وتدوين كل ذلك، يلاحظ أن القبائل النيلية وبعضاً من القبائل الحامية التي تسكن جنوب السودان قد نالت أكبر الحصص في تلك الدراسات، وإن كانت المجلة أيضاً تحتوي على دراسات مميزة عن قبائل وسط وشمال وغرب السودان. وكانت المجموعة الثالثة من الباحثين والعلماء والأساتذة من الأجانب والسودانيين الذين زاروا السودان في العصر الحديث، وكانت تلك القبائل هدفاً وحقلاً لدراساتهم الانثروبولوجية في إعداد رسائلهم الجامعية.. وبعضاً من تلك الرسائل قدر لها أن تطبع في كتب وتتاح للقراء.. و ما زال هناك الكثير من تلك الرسائل بمكتبات الجامعات ومنها مكتبة السودان بجامعة الخرطوم، وأقسام الدراسات العليا بالجامعات السودانية، وظلت حفيظة الأضابير والأرفف ولا تتداول سوى في أواساط الباحثين والأكادميين من طلاب وأساتذة تلك الجامعات.