يعقد هذه الأيام مؤتمر الدراسات العليا بجامعة الخرطوم وبهذه المناسبة أقول : تحتفظ مكتبة السودان التابعة لمكتبة جامعة الخرطوم بأكثر من خمسة عشر ألف رسالة جامعية في الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) وهي تشمل الرسائل الباكرة وهي تلك الرسائل التي حصل بها مبعوثي جامعة الخرطوم على شهاداتهم الجامعية العليا منذ أيام كلية الخرطوم الجامعية أمثال (بروفسور مكي شبيكة ، بروفسور عبد الله الطيب وبروفسور سعد الدين فوزي) والجيل الأول من الذين تأهلوا بالجامعات البريطانية وعادوا كمحاضرين وقادوا كلية الخرطوم الجامعية لتصبح عقب استقلال البلاد في عام 1956م جامعة الخرطوم ثم بعد ذلك أنشأت كلية الدراسات العليا التي أشرفت على البعثات الخارجية والداخلية والتي أسندت لها إجازة الرسائل ومنح الدرجات وبهذه المناسبة لا ننسى الدور الرائد الذي قام به البروفسور الراحل محمد عمر بشير في إرساء قواعد البحث العلمي بالجامعة وتوليه إدارة هذه الكلية عند إنشائها. وأول رسالة دكتوراه تمنحها جامعة الخرطوم. كانت رسالة الدكتور أحمد عبد الوهاب الغندور وهو أستاذ مصري كان يعمل محاضراً بكلية القانون قسم الشريعة وكان عنوانها (الطلاق في الفقه الإسلامي : دراسة مقارنة مع مناقشة القوانين المعمول بها في محاكم مصر والسودان وتقع الرسالة في 235ص ويعود تاريخها لعام 1961م والتي قدمت من قسم الشريعة بكلية القانون بجامعة الخرطوم. بلغت الرسائل الجامعية المحفوظة بمكتبة السودان الآن حوالي خمسة عشر ألف رسالة تشمل كل الرسائل التي أعدت بجامعة الخرطوم في كلياتها وأقسامها المختلفة بالإضافة إلى الرسائل التي أعدها مبعوثي الجامعة في الجامعات الأجنبية وأخرى أعدها سودانيون. بجامعات أخرى. فكانت الحصيلة ذلك الكم الهائل من الرسائل والتي أفردت لها مكتبة السودان قاعة خاصة وتمثل تلك الرسائل جهود العلماء والباحثين في مختلف التخصصات في مجالات البحتة ،العلوم التطبيقية البحتة والعلوم الإنسانية فقد بذلت أعوام وأعوام من البحث العلمي المضني وأجريت المئات بل الألوف من التجارب بالمعامل والحقول وأريقة أنهار من المداد واستهلكت أطنان من الورق والآف الأقلام وأهم من ذلك الأموال التي صرفت على تلك البحوث والدراسات والنتائج والتوصيات التي خرجت بها تلك الرسائل والبحوث فظل كل ذلك الجهد حبيس الأضابير والأرفف بالمكتبات والقاعات . وأصبحت تلك الرسائل مجرد مراجع علمية يستشهد بها الدارسون في أبحاثهم وكتاباتهم الجارية واللاحقة. أما الفائدة العلمية والعملية والتطبيقية خاصة في البحوث والدراسات التي تناولت قضايا ومشكلات مجتمعنا في كل الميادين الزراعية والصناعية والهندسية والاقتصادية والطبية والصيدلانية فلا نجد لها أثراً البتة. ليس هذا فحسب بل لم تنشر من هذه الألوف المؤلفة من تلك الرسائل سوى أعداد قليلة وقليلة للغاية ولا تتناسب مع حجم تلك الرسائل .. إضافة إلى ذلك فإن معظم تلك الرسائل وبخاصة في مجال العلوم التطبيقية والبحتة وما زالت مكتوبة باللغات الأجنبية وبخاصة اللغة الإنجليزية ولم تترجم بعد. في الماضي درجت الدراسات العليا بإصدار نشره تحتوي على قائمة بالبحوث والدراسات المجازة مع ملخص موجز لها ولكنها توقفت ومنذ زمن طويل . وقد أدى ذلك إلى تكرار البحوث والعمل في موضوع واحد في أكثر من جامعة بسبب غياب التوثيق العلمي. إذ أن المطلوب أن يتم التنسيق بين أقسام الدراسات العليا بالجامعات السودانية لتفادي تكرار البحوث. أيضاً لابد من إصدار قاعدة بيانات الرسائل الجامعية السودانية وإتاحتها على موقع المكتبة مع إماكنية الوصول إليها بيسر والإفادة منها. بالشبكة العالمية (الانترنت) وأن تهيئ كلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم قاعة الإطلاع على الرسائل الجامعية لتخفيف الضغط على مكتبة السودان التي أصبح يؤمها العشرات من خارج وداخل الجامعة.. مع مراعاة الضوابط الأكاديمية وحفظ حقوق المؤلفين عند استخدام هذه الرسائل مع أمنياتنا لجامعة الخرطوم بمزيد من التقدم والازدهار في مجال البحث العلمي وهي أم الجامعات السودانية.