أخيراً انفجر الموقف بهيئة التأمين الصحي في ولاية الخرطوم، وقدم نائب المدير العام ومديرو الإدارات الأخرى بالهيئة استقالات جماعية لرئيس وأعضاء مجلس إدارة هيئة التأمين الصحي، التابع لولاية الخرطوم، وقد ظل هذا الجسم، المكون لتخفيف أعباء مواطني الولاية العلاجية يعاني من احتقان حاد والتهاب في مفاصله؛ بسبب قرارات فصل وإعفاء لعدد من مديري الإدارات دون أي سبب واضح ودون تطبيق للوائح وقوانين العمل، وعندما احتج العاملون أخذت قرارات الفصل تتلاحق، وتم إلغاء منصب نائب المدير العام بما يعني إعفاء (نائب المدير العام) الحالي.. وتم تحويل (إدارة) تقنية المعلومات إلى (قسم) يتبع لإدارة التخطيط أو بمعنى أكثر وضوحاً، كان القرار يعني (إعفاء) مدير تلك الادارة. مشكلة التأمين الصحي في ولاية الخرطوم بدأت عندما أقيل مديره السابق، وجيء بمدير جديد، أخذ يعمل على (محو آثار) السلف وتضييق الخناق على العاملين الذين تم تصنيفهم وفق رؤيته إلى (خصوم).. وعندما ضاق الأمر بالعاملين أو قياداتهم احتجوا بمذكرة رسمية رفعت إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية بالولاية، والى رئيس وأعضاء مجلس إدارة هيئة التأمين الصحي بالخرطوم حول مسار عمل الهيئة، أشاروا فيها إلى معاناتهم، بل طالبوا أن تكون قوانين العمل ولوائحه هي الفيصل، وأن تتم مراجعة قرارات إعفاء مديري الإدارات السابقين، ومحاسبة كل من يثبت تقصيره، وألاّ يكون منطلق تلك القرارات تصفية الحسابات الشخصية والانتصار للذات ومخالفة القانون.. وطالبوا بالإسراع بتطبيق هيكل وشروط خدمة العاملين حتى يستمر العمل في جو صحي ومعافى، وقد بعثوا بصورة من تلك المذكرة لعدّة جهات من بينها رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، ولنائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية، ولاتحاد عام عمال السودان واتحاد عمال الولاية، وديوان الحسبة والمظالم، ولمدير عام هيئة التأمين الصحي بالولاية، الذي قام باتخاذ كل تلك القرارات. الآن وقعت الواقعة، وجاءت الطّامة ويحصد الانفجار الكبير الذي حدث الكثير من رؤوس الظلم، ولا نقول الفساد، رغم أن الظلم نفسه مفسدة، وسينعكس ما حدث سلباً على كل مشروع التأمين الصحي، وسيتأثر المشروع كله ولن تصبح الهيئة مظلة آمنة لكل الناس في ولاية الخرطوم. الآن لا بد من أن تتدخل كل تلك الجهات التي تمت مخاطبتها للتحقيق في القضية برمتها، وقد سبق لي قبل أيام قليلة أن طرحت هذه التساؤلات على السيد والي ولاية الخرطوم وكنا نلبي دعوة خاصة احتفالاً بانتخاب الدكتور عبد الرحيم إبراهيم الخليفة نقيباً للمحامين، طرحت تلك التساؤلات وقد أجاب عليها السيد الوالي، إلا أن الإجابات لم تكن مقنعة؛ لأنها لم تكن مفصلة، حيث أن الوقت والجو لم يكونا ملائمين لمزيد من النقاش، وكانت بعض الصحف قد أثارت الأمر اقتضاباً، وحسبنا أن الحلول كانت في الطريق، لكن يبدو أن التعقيدات هي التي كانت تنتظر أية انفراجة أمل، وكان العاملون يحسون بالذي يُعَدُّ لهم ويشعرون بأنهم مساقون سوقاً، إما للفصل، أو لاجبارهم على الاستقالة، ويقول أهل العلم إن الحس والشعور هما العلم الخفي.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.