* في سبعينيات القرن الماضي تمددت أغنية (دلوكة) في الأوساط الشعبية ترددها الفتيات في حفلات الأعراس والختان للذكور والأناث معاً، مع فارق في الاحتفاء بالذكور، حيث يضرب لهم الطبول ويرقص الجميع طرباً، بينما ختان الإناث يحتفى به بطريقة (دكاكنية)، ومن أشهر أغنيات ذلك الزمن «أدونا فندككم.. ندق ونديكم.. أبيتوا تدونا.. كاروشا تمسكم» وللجيل الحديث فقط؛ الفندك هو السحانة الخشبية والكاروشة هي حساسية الجلد!! ودلالات الأغنية وظلال ما تنطوي عليه تبادل سلمي لمنافع الدنيا تصلح كمدخل ناعم لضرورة أن يمارس طرفا التفاوض في الدوحة قدراً من الواقعية، واستثمار الزمن وإنقاذنا نحن الشعب السوداني أولاً، ثم إنقاذ أطراف الحرب الدارفورية من شرور أنفسنا بالتراضي على صيغة اتفاق نهائي، يعيد لهذا الإقليم المنكوب ألقه القديم، ويشفي جراحات كبده المطعونة بسيوف وأحراب أبنائه. * حتى مساء أمس السبت ظلت حركة العدل والمساواة ترفض جلوس أطراف أخرى دارفورية، على طاولة البحث عن السلام، وتشترط أن تجلس وحدها مع الحكومة لتحتكر الحديث باسم دارفور لنفسها، وبالتالي الاستئثار بأي مكسب يخرج فوهة بنادق الحركات المسلحة، من خلال لقاء الدوحة والوساطة الأممية التي تتولى قطر رئاستها، أو الصحيح استضافتها بأرضها، غير قادرة على إقناع حركة العدل والمساواة، بأن شروط السلام أن يشترك الجميع في الحل ووفد الحكومة السودانية لا يبدو عليه القلق أو الاكتراث من يحضر التفاوض، ومن يغيب، والحكومة ليس لديها (قشة مُرة) مستعدة لتفاوض متعدد الأطراف وتفاوض ثنائي.. * هل هناك قضية تستحق كل هذا التطاول في الكلام؟؟ وماهي أوجه الاختلاف بين الأطراف المتصارعة؟؟ في مفاوضات الجنوب كانت الشريعة الإسلامية عقبة، والحدود عقبة، والانفصال عقبة، والمناطق الثلاثة: أبيي وجبال النوبة والإنقسنا عقبات كبيرة.. أما في دارفور فالقضية واضحة جداً لا تحتاج للجان مشتركة ومقترحات حلول، مثل مقترح السانتور جون دانفورث الذي ذهب بقضية أبيي للاهاي، وأخيراً حقوق المسيرية شمار في مرقة.. قضية دارفور أصبحت محدودة جداً، وسهلة ويمكن الوصول إليها لأنها قريبة مثل الحدقة للعين.. كم تملك الحكومة من المواقع التنفيذية والسياسية من أجل إرضاء المقاتلين في دارفور، وهل يتم إدماج العدل والمساواة في حكومة ما بعد الانتخابات أو قبل الانتخابات.. * العدل والمساواة ملزمة بوضع مطالبها على طاولة التفاوض، مكتوبة على ورقة بقلم (رصاص) ثم يتفاوض الأطراف.. هذه مقبولة، لا هذا حار لن نستطيع القبول به.. هذه معقولة، ويتولى الوسيط الدولي مسح بعض المطالب بالاستيكة، وما يتم الاتفاق عليه يدون بقلم الحبر الأخضر.. غازي يتحدث مع الخرطوم للتشاور، ود. خليل يتحدث أيضاً مع الخرطوم للتشاور، لأن المرجعية للطرفين في الداخل، وخلال (24) ساعة، يمكن توقيع الاتفاق النهائي لتبدأ الأفراح والعناق والدموع والعودة لمطار الخرطوم واستقبال الأطراف كأبطال في الحرب، وأبطال في السلام، ويبقى فقط طريق الإنقاذ الغربي على عنق الهندنوي حامد وكيل ووزيره النويراوي فليب طون!!