إذا خرجت للشارع العام بعد صلاة الصبح وجلست تتأمل لدقائق معدودات حركة الناس فستجد أمامك مواطنين من فئات «مختلفة» كبار وصغار.. نساء ورجال يسرعون في نشاط نحو(المواقف) والمركبات العامة يسعون في همة ونشاط نحو الرزق الحلال ولقمة العيش. يمضي الطابور أمامك ولا تملك سوى الدعاء بالتوفيق لهذه الفئة المكافحة و(المنافحة). بعد ساعة سترى أمامك أرتال الحافلات و«الهايسات» تدخل وتخرج من الحي تحمل «فلذات الأكباد» من تلاميذ المدارس وهم يكتحلون بالوان(البراءة) والجمال والمستقبل القادم ومعهم في ذات الشارع مجموعة أخرى وهي تتأبط الدفاتر والاقلام والكتب وتزحف بأرجلها وأجسادها النحيلة صوب المدارس وجرس الطابور. وفي ذات اليوم اذا دلفت لاحدى المستشفيات ستجد انماطاً واشكالاً من أبناء البلد وهم يتحركون بين العيادات والمعامل والأشعة يعانون من ويلات المرض وشدته وصعوبة الحصول على الدواء والعلاج ولا تملك في هذه الحالة سوى الدعاء لهم بالشفاء العاجل. أما اذا دخلت السوق فانك ستجد السواد الأعظم من المواطنين هناك يسعون للبيع والشراء في حركة راتبة وروتينية شعارهم (يفتح الله ويستر الله وأكلوا أخوان واتحاسبوا تجار).. وإذا ذهبت للمكاتب والوزارات ولدور الرياضة والأندية والمطارات وفي المدن الأخرى والبيادر ستجد نفس الحركة ونفس الناس والايقاع.. إنهم في النهاية جموع الشعب السوداني الذي يعيش على ظهر هذه البسيطة لا يريدون شيئاً كثيراً ولا يحلمون بالقصور الفخمة والعربات الفارهة والدنانير والفضة والذهب وعوالم المتعة والرخاء.. الشعب السوداني أمره بسيط وحياته سهلة وجميلة وهي لا تشبه هذه الروح «الكريهة» التي تظهر بها الأحزاب والجماعات المختلفة.. هذا الايقاع السياسي القائم على المصالح و(حب الذات) وإقصاء الاخر واحراق كل «مبدأ» وكل «قيمة» من أجل الوصول للهدف لا يشبه هذه النماذج المختارة من الشعب السوداني التي نراها ونعيش بينها.. أيها الانتخابات القادمة لا تظلمينا!. مري كسحابة صيف عابرة لا يهمنا أمرك ولا تهمينا.. اتركينا في حالنا واعطي هؤلاء الكراسي والمناصب وأتركونا نباصر حياتنا في هدوء وسكينة.. اتركينا ايها الانتخابات اتركينا..