تناولت في مقال سابق سيرة نبي الله إدريس، الذي كان ثالث الأنبياء المرسلين، وأوردت أوثق الأخبار عن هوية رسالته، وعن رفعه للسماء.. وما قيل عن حياته في الملأ الأعلى، وعن موته هناك.. وسنورد بعد سيرة نبي من أنبياء الله، تذكر الأخبار أنه حي ما يزال على الأرض، تماماً مثل الأقوال التي تؤكد حياة الخضر عليه السلام، ولعل مرجعية القائلين بحياة هؤلاء الأنبياء و مستندهمالحديث الذي يقول: نبيان حيان في السماء هما عيسى ابن مريم وإدريس، ونبيان حيان على الأرض هما الخضر وإلياس.. ذكر الطبري في تاريخه أنه إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس وإل ياسين اسمين لرجل واحد، فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها. وقال ابن عباس هو عم اليسع. وتذكر أوثق الأخبار أنه أرسل إلى أهل مدينة بعلبك بالشام، غربي مدينة دمشق، الذين اتخذوا من تمثال القائد العسكري ( بعل ) صنماً يعبد من دون الله، أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه .. أما ذكر هذا النبي الكريم في القرآن العظيم فقد ورد في الآيات التالية: قال تعالى: { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ } (131) (الصافات) فهذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. أما المؤرخون فقد أوردوا روايات عديدة، لا يمكن أن ذات مصدر موثوق من السنة، وأغلب الظن أنها من الإسرائيليات .. جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه: إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام، والاستمساك بعبادة الله وحده، رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه بقوله: اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك، والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك.. فأوحي الله إليه: إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك، فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر، فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً، ولما دعا عليهم استخفي عن أعينهم، وكان يأتيه رزقه حيث كان، فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ريح الخبز في دار، قالوا هنا إلياس فيطلبونه، وينال أهل المنزل منهم كل شر.. وقد أوي ذات مرة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل، لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر، فآوته واخفت أمره. فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به، واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمه، فكان يذهب معه حيثما ذهب.. وكان إلياس قد أسن وكبر، وكان اليسع غلاماً شاباً.. ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوت الله أن يفرج عنكم، فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه، ولم يستقيموا، فلما رأي إلياس ذلك منهم، دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضه ورفعه. وثمة روايات تقول: إنه استخلف أليسع لمواصلة الرسالة، واستخفى في مكان غير معروف.. وتؤكد هذه الرواية أنه يلتقي بالخضر كل عام في موسم الحج، وأنهما يفترقان على أمل اللقاء في الموسم التالي، ببركة الكلمات التالية: بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله.. بسم الله ما شاء الله ،لا يصرف السوء إلا الله، بسم الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم