تجربة مولانا محمد عثمان الميرغني في رئاسة التجمع المعارض بالخارج، جعلته يحسب لكل قول ولكل موقف حسابه، حتى لا يكرر تجربة الهتاف (سلم تسلم)، العبارة التي كان يرددها بالخارج عندما كان وسط حماسه لاسقاط الإنقاذ. يظن أن المعارضة بوسائلها ستسقطها، وأن على أهل الإنقاذ التسليم من أجل سلامتهم، الشئ الذي جعل الرجل بعد عودته يغير من سياسة الحماس غير المحسوب، بقناعة أن المؤتمر الوطني حزب اكسبته التجارب مناعة من المؤمرات، وجعلت له شعبية تتطلب من كل عاقل أن يعترف بها، إضافة إلى ذكاء سياسي لابد لكل معارض أن يحسب حسابه، لهذا سارع برفض مطالب منسوبي حزبه بترشيحه لرئاسة الجمهورية لمنافسة البشير، مختار أحد معاونيه الذين لا يشكل سقوطهم هزيمة لحزبه، مثل التي تشكلها هزيمته، على عكس السيد الصادق المهدي الذي قدم نفسه في المنافسة التي لا يملك الاستعداد الجماهيري لها، ولا يستند على أية انجازات ينازل بها البشيرالذي ينازل المهدي، وهو يدري أنه في عهده لم يتحقق السلام بالجنوب، بالرغم من اتفاق الميرغني قرنق الذي تم في فندق قيون باديس أبابا، حيث تم إجهاض الاتفاق في ظل صراعات الحلفاء بالخرطوم، بعد عودة الميرغني من أديس، كما أنه في عهده وصلت معاناة الناس درجة النوم في صفوف الخبز والبنزين، وشرب الشاي بالتمر.. بجانب أن تجربته بالمعارضة كانت مليئة بالتناقضات في المواقف والأقوال، على عكس البشير الذي يدخل الانتخابات، وهو مسنود بانجازات تنموية كبرى لا ينكرها مكابر، وسلام في الجنوب والشرق أضيف اليه قبل الانتخابات سلام دارفور.. فكل هذه المعطيات بجانب شخصية البشير المعتدلة القريبة من المواطن، تجعل الناس تقدم البشير على ود المهدي، الذي لا يستند على شئ غير تاريخ رحل صاحبه جده الذي صنعه، وجاءت أجيال وأجيال وأجيال، لا يعرف أغلبها عن الصادق شيئاً، ولا يؤمنون إلا بالذي أمامهم من انجاز، وما أكثر انجازات الإنقاذ التي تضع البشير في المقدمة، وهذا ما أكدته كل الاستطلاعات والاستبيانات بالداخل والخارج، والتي رجحت فوز البشير بنسبة عالية، على عكس المهدي الذي جاءت به في مرتبة متأخرة، سيكون لها تأثيرها على الحزب الذي وافق على أن يكون رئيسه منافساً في منافسة لم يحسب لها الحزب أو بالأحرى زعيمه حساباتها المطلوبة في حالات الدفع بالرجل الأول في الحزب.