ترسم صور الحملات الانتخابية الشرسة التي تقودها جحافل الإتحادي الديمقراطي الأصل في سنار ومدني ودنقلا، ملامح أصيلة من عبق التاريخ ونبض الحاضر ونكهة المستقبل. فالإتحادي الأصل أطلق من كنانته ثلاثة فرسان ضمن رموز أخرى دفعهم في ثقة عالية للترشيح في مناصب الولاة ليحكم عليهم الجمهور.. وهم الأستاذ التوم هجو لولاية سنار، والأستاذ عثمان عمر لولاية الجزيرة، والدكتور أبو الحسن فرح للولاية الشمالية. وقد كانت من حصة القوارير الكثير من الماجدات المناضلات على رأسهن الأستاذة مواهب مجذوب التي تترشح في القائمة النسوية على مستوى المجلس الوطني. في ثنايا تلك المشاهد الملتهبة التي تعكس التنافس الشريف، كانت المناكب تتدافع مع المناكب، وكانت في المسرح وجوه من كل الوجوه. ملحمة سنار للوهلة الأولى كان مشهد التوم هجو مهيباً ولافتاً على صراط الإيقاع وهو يجسد شخصية التمازج بين الصوفية والسياسة من خلال التدافع الجماهيري الحاشد الذي أحاط موكبه الانتخابي الدعائي الكاسح من جميع الاتجاهات في مناطق قرى سنار المختلفة، فقد كانت الهتافات تعانق عنان السماء والكتل البشرية تسد الأفق كأن بوابات الزمان قد انفتحت على بعضها، فلا تدري إن كانت كتفك يصطدم بكتف امرأة مسنة أو شاب يافع أو رجل ناضج العود. وكم يفتخر أهالي سنار بلوحة الاعتزاز التي تؤكد أنهم كانوا يمثلون أيقونة الحكم في تاريخ السودان المعاصر، فكان من الطبيعي أن يتشكل مزاجهم ويمتد حبهم الى حزب الحركة الوطنية من حي تلك القلادة الفريدة، ولا يمكن فصل سنار بكل أمجادها وألقها والأسطورة المتوارية خلف سحرها عن السادة اليعقوباب بمنهجهم الصوفي الرفيع ومسلكهم العطر المتوهج شعاعاً روحياً سامياً وهم يقدمون ابنهم التوم هجو على طاولة المنازلة العرمرم. الفيلسوف اليوناني فرويد نفى وجود شيء اسمه الصدفة، لذلك كانت الدلائل واضحة حول التجاوب الرائع والإقبال الشديد الذي وجده التوم هجو من الجماهير هناك وهو يطوف على قرى ود العباس والشيخ السماني وود الحر وأونسة العمارات وسيرو الجعليين والرواجاب وكركوج ورونتاي والصابونابي وغيرها من المناطق والحلال ولسان حالهم يدوي في الفضاءات «التوم الغالي هو الوالي» والقصائد تنساق.. «ياكا نور البلد ساعة ضلامه يغطي.. وياكا ركيزة ضميره وكتين مصيره يرتي».. لقد كان في الملحمة بعض منسوبي الحزب وهم الأساتذة هاشم عبد الجليل ومحمد عكاشة وعمر عثمان عبد العزيز وأحمد عبد الله محيريق، والمرء هنا يحس من فرط الرسالة البليغة بأن التوم هجو يقف على بعد بوصة واحدة من مقعد والي سنار وهو يجني ثمار العزائم والتعب الجميل والأمل والدموع وجهد الرجال والنساء والشباب، على رأسهم خضر عثمان ومعتصم الطيب الرفيع. نكهة ود مدني ود مدني قلعة شامخة يكسوها عمق الانتماء الأصيل للحركة الإتحادية بطعم الذهب، وهو انطباع يسري في دواخلك ويبقى طازجاً في ذاكرتك.. ها هو الإتحادي الأصل يقدم في زهو وشموخ المناضل عثمان عمر الشريف مرشحاً لمنصب والي الجزيرة، تزفه المواكب الهادرة والحراك الصاخب في حملته الانتخابية الكثيفة التي طافت على مناطق تمبول وأم درار ورفاعة والحصاحيصا والعديد من قرى ولاية الجزيرة النابضة بالحياة والأمل. لقد جلس الأستاذ عمر يوم الثلاثاء المنصرم مع الأستاذين عز العرب حسن إبراهيم وعمر سر الختم سكنجو وبحضور مولانا محمد عثمان الميرغني، في سباق ترتيب ملامح حملة الحزب الانتخابية بالجزيرة وزيادة ميكانيزيا الانطلاق الى الأمام. وعلى ذات السياق يترشح المناضل ياسين أحمد الفكي في الدائرة (12) مدني شرق «الواحة»، والأستاذ ياسين من تلاميذ الشهيد الشريف حسين الهندي، بل عندما هاجر الشريف حسين الى الحبشة في هجعة الليل لمقاومة نظام النميري انطلق من منزل أسرة ياسين أحمد الفكي. والأستاذ عثمان عمر وهو يطوف أصقاع الجزيرة يعرف كيف يلامس الوجدانيات للمواطنين في إقليم الذهب الأبيض وهو يلهب المشاعر والأحاسيس التي تتلهف لبشائر الأمل والفجر الجديد، بل هو صاحب مقدرة في اختراق الخريطة الوجدانية والنفسية للجمهور السوداني، فهو السياسي الحاذق والسهم الذي يصيب الهدف. وطوبى للأستاذ عثمان عمر فإن كريمته الناشطة القيادية شذى عثمان عمر نالت من إرثه 70% وارتكزت على نسبة ال30% لتكون من كدها ومجهودها الذاتي. مفاجأة الشمالية الدكتور أبو الحسن فرح يمثل مفاجأة الإتحادي الأصل السارة التي ستقلب الموازين في الولاية الشمالية، فهو المقاتل الشرس الذي امتشق سيفه يصارع الشمولية في المهاجر ضمن كوكبة التجمع المعارض، زائداً ارتباطه بأرض الأجداد ومهد الحضارات ليكون قيماً على تطلعاتهم وأمنياتهم. لقد بدأت فكرة ترشيح الدكتور أبو الحسن فرح لمنصب والي الشمالية، كضوء أخضر من القطب الإتحادي الحاذق حسين السيد حتى تطورت الرؤية رويداً رويداً لتعانق أرض الواقع من خلال مصادقة مؤسسات الحزب. لقد بدأ الدكتور أبو الحسن حملته الانتخابية في وقت مبكر ضم وفداً حزبياً رفيعاً لبعض مناطق دنقلا والمحس، وطرح على تلك الجماهير برنامجه الانتخابي وقضايا الشمالية على جميع الأصعدة وهو يتلقى دعم السادة الأدارسة ورموز الإدارة الأهلية، بجانب وقفة القاعدة الإتحادية هناك.. وفي القريب العاجل سوف يطوف الدكتور أبو الحسن على مناطق مروي وكريمة والدبة في زيارات تفقدية على أرض الواقع بصحبة نخبة ممتازة من دهاقنة المناطق والحزب. نموذج مواهب مجذوب في الإيقاع الدعائي للمرأة الإتحادية، هناك لمسة سحرية وتعرجات جاذبة تشكل عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه يعكس اللبنات الأساسية التي وضعتها نساء الإتحادي الأصل في سياق تجاوز الصعاب والأهوال لترسيخ أهداف المباديء العامة. قدمت الأستاذة مواهب مجذوب نموذجاً حياً في المشاركة الفاعلة للدفاع عن قضايا المرأة الإتحادية من منطلق القيم النبيلة في اللوحة الإنسانية والمعنوية على مستوى الوطن، فكان دورها المشهود في جامعة أم درمان الأهلية ومنظمات المجتمع المدني وحزب الحركة الوطنية والمنتديات الفكرية والعلمية. والآن تترشح الأستاذة مواهب عن الإتحادي الأصل في القائمة النسوية على مستوى المجلس الوطني وربما تكون حملتها الانتخابية ترتكز على زيادة فوران الدوائر الجغرافية وانتظار ثمار الأعمال السالفة في نهاية الدهليز!