سألت صديقاً يناصر صديقاً مشتركاً لكلينا ترشّح في الانتخابات المقبلة، عن مدى إسهامه في الحملة الانتخابية لذلك الصديق المرشح، فقال لي: (أنا معه بقلبي وسيفي) وأعرف أنه لا سيف له، لذلك أعتقد أنه يناصره بقلبه فقط.. وهذا هو أضعف الإيمان. الحملات الانتخابية (قلبٌ) نعم.. لكنه يحتاج إلى قوة ودفع في الحركة، وربما كان هذا هو (السيف) لكن لا يقل أهمية عن القلب والسيف وجود المال أي (الجيب) فلا حركة دون مال ولا ليال سياسة بلا مصروفات ولا مطبّقات أو ملصقات دعائية أو لوحات إعلانية - كبر حجمها أو صغر بلا إنفاق ، الحركة بالمال رغم أن بعض قادة الأحزاب يعتقدون في (البركة) قبل (الحركة)، لذلك يعملون بعكس ما تقول به الحكمة المأثورة (أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) وهم يمسكون ما في الجيب وينتظرون ما في الغيب في وقت واحد . وسألت صديقاً عاد من رحلة لحملة انتخابية عن موقف عدد من المرشحين الذين أعرفهم، فأجابني بأن أكثرهم يدفع ثمن ترشحه بعيداً عن خزينة الحزب لأن الحزب يريد ذلك أولاً.. ثم لأن القائمين بأمر الحزب قالوا لمرشحيهم إنهم كانوا (ينتظرون) مبلغاً ضخماً من المال قبل الانتخابات لكن ما توفر منه أو من الجهة المانحة لم يبلغ نسبة الأربعة بالمائة مما هو متوقع لذلك سيصبح لكل مرشح نصيب ضئيل وعليه أن يتحمل (الباقي). إذن الانتخابات (قلب) و(سيف) و(مال) وهناك أحزاب تسعى لكسب القلوب إلا أن الفوز بقلوب الناخبين لا يمر عن طريق «كيوبيد» حامل سهم الغرام ، وبعض الأحزاب يملك (السيف) لكن السيف لن يُجْبر أحداً على التصويت لصالح (زيد) أو (عبيد) خاصة وأن الاقتراع سيكون من وراء ستار. وبعض الأحزاب يملك المال، لكنه وحده لا يكفي رغم أهميته وضرورته لإنجاح أي عمل، فإذا لم يجد هذا (المال) ما يسند المرشح من فكر أو برامج فإنه سيضيع هباء، وقد يأخذه البعض مقدماً مقابل التصويت ولكنه عندما (يُحكّم ضميره) سيعمل بالمثل الانتخابي الأشهر (أكلوا توركم وأدوا زولكم).. ونحسب أن أحدث تجارة الآن في السودان ليست التجارة الإلكترونية.. بل تجارة الأصوات!. تذكرت ما قال به ذلك الرجل الذي تغنت به وله بعض النساء في زمان ماضٍ، بالسودان، وعاشت الأغنية التي غنتها له بعض النساء من أربعينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا، فخلدت وخلّدته معها، وأعني (العجب) الذي كان سائقاً سفرياً ويملك عدة «لواري» - شاحنات - تجوب أنحاء السودان المختلفة، وقد قال هو نفسه - أمد الله في أيامه - ل (آخر لحظة) في أعدادها الأولى عندما سأله محرروها عن الأسباب التي أدت إلى أن تتغنى له بعض النساء آنذاك، فضحك وقال بصراحة يحسده عليها السياسيون (القروش.. كنت بدفع دفع من لا يخشى الفقر.. أي حتة أمر عليها أو أنزل فيها كنت بدفع دفع تقيل.. الغنا ما لي شكلي ولا جمالي وإنتو براكم شايفين.. الغنا كان لقروشي). ومنذ الأربعينات راجت ثم سادت أغنية (العجب حبيبي) التي نعتبرها قاعدة انطلاق أي حملة انتخابية يرجو صاحبها النجاح.. وهي منطق الاستحواذ على القلوب والسيوف والجيوب.