تواكبت (ثلاث) مناسبات في ظرف متحد بمحلية هيبان بمدينة (كاودا) في جنب كردفان.. (أولاها) التهليل، والتكبير، والزفة الكبرى، وهي مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، و(الثانية) هي الدورة الثانية لانعقاد مجلس جنوب كردفان، و(ثالثتها) الملتقى التفاكري لولايات التمازج الطبيعي، والاثني، والمصالحي.. وعددها (عشر) ولايات شمالية وجنوبية.. انعقدت وتوافدت كلها لإحدى ولاياتها الشمالية، وهي (ج كردفان) بكادوقلي.. ونحن الحكماء أدينا الفجر بمسجد مطار الخرطوم الدولي.. ثم خفقت بنا الطائرة الرأسية إلى جبال جنوب كردفان.. حتى هبطت بمطار كادوقلي الإقليمي.. ثم رحبت بنا (بعثة الأممالمتحدة لتنسيق جهود السلام) المنداح من: (وإن جنحوا للسلام فاجنح لها.. وتوكل على الله إنه هو السميع العليم.. وإن يريدوا أن يخدعوك فان حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) - كما أسلفت يوماً - فأفردت لنا (البعثة) بضع طائرات عمودية.. لإنزالنا بضاحية (كاودة) بمحلية هيبان.. لأن دورة الانعقاد الثانية - لهذا المجلس - بعد الخرطوم وبعد (أربعة) أشهر ستكون هنا.. يوم الجمعة (26/2/2010م) فاستهل الحديث عندنا بالصيوان المزدان بمعهد إعداد المعلمين والمعلمات (كاودة) استهلّ الحديث.. الفريق - حركة (عبد العزيز آدم الحلو) نائب والي جنوب كردفان.. مرحباً بدورة الانعقاد هذه.. ومرحباً بالزعماء، والعلماء، والساسة، وهم (حكماء).. مرحباً بهم في عاصمة (الطورو) الاثنية الغالية.. ومؤكداً على سمو المقصد وعظمة النداء (أن هلموا للسلام والتنمية) ومرحباً بالجميع في (كاودة) ولن يجدوا إلّا السماحة والأريحية والهدواء النقي الطلق.. فلنصعد العلا.. كلنا معاً.. ومن ثم اعتلى المنبر الحكيم.. مولانا (أحمد محمد هارون).. والي الولاية.. يقول: لقد أتت بنا جميعاً الحكمة.. وفصل الخطاب.. وإن اعترانا غبش أو ضيق صدر، فأكفنا بيضاء تنثر الدر والأريج.. وتنشد المعاني وإن تلكأت بنا الخطى في تعداد أو إحصاء، وسمعتم ببعض النبرات المخشوشنة.. فإننا جلسنا وتشاورنا؛ لأن المجاهد الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم يقول: (ما تشاور قوم قط إلا هُدوا لأرشد أمرهم)، فمن عندئذٍ رفعنا رأينا للخرطوم الصابرة.. فأمضت رأينا، في أن نخوض جولات رئاسة الجمهورية السودانية، وأن نصطف مع كل السودان في منافسة البرلمان القومي. وأن ننتظر (صافرة) الزحف، كغيرنا تماماً، ثم وافقونا على إرجاء اختيار والي ولاية جنوب كردفان بالانتخاب.. وكذلك إرجاء مجالسنا الجغرافية التشريعية بالولاية.. ولا مندوحة أن نحصي أنفسنا بالولاية من جديد.. وإننا نسأذنكم (أنا وأخي الحلو) يا (حكماء) في أن نذهب؛ لنشهد ملتقى ولايات التمازج النوبي الشمالي، المنعقد بكادوقلي، بعد غدٍ.. وهيا، ارفدونا بحكمتكم، ومشروعاتكم، ورؤيتكم في طمأنة ولايتنا جنوب كردفان.. ثم (ذهبا) بإخاء ملحوظ تحوطهما أعين الجميع.. وعلى رئاسة منبر التحاور الحكيم، تعاقب (عبد الرسول النور) و(دانيال كودي) و(د. خميس كجو) و(إسماعيل جلاب) وآخرون.. ينافحهم بروفسير (تجاني حسن الأمين) الذي جاء من الخرطوم لحوار الحكماء.. وهو يتوكأ على عصاه.. إصراراً على شهود المرمى، والهدف، وعصف الرياح؛ لأن يد الله مع الجماعة.. ومن فوق المنضدة، وعلى مسمع الحضور، قُدمت وشرحت أوراق اللجان المختصّة التي عكفت عليها توافداً، وإصراراً، وتبويباً، وتوافقاً ظرفياً.. فكانت الأولى من الأوراق هي (المشورة الشعبية) التي تداخلت حولها الرؤى.. وتشاور فيها (الحكماء)، وخرجت بتوصياتها المطمئنة.. ثم تلتها ورقة (الانتخابات)، ووقف الجميع وبينهم السودان أجمع.. بأن انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات البرلمان القومي هذه.. قائمة في جداولها، وموعدها، ويتم التدريب على الشفافية فيها ومخافة المولى سبحانه.. أما اختيار الوالي لجنوب كردفان، والبرلمان الجغرافي الولائي وتوابعه.. وغير ذلك من هموم المرحلة.. فتعاد فيه الخيارات من جديد، وتدقق، كما ذكرت ، ثم عكف الحكماء على ورقة أخرى هي (السلام الاجتماعي) انطلاقاً من تعريفه ومفهومه، حتى مهددات الأمن والسلام الاجتماعي واندياح المداولات لكل إيجابية سلمية اجتماعية ثقافية رياضية، وكل نافية للفقر والجوع.. فكانت ورقة الساعة والحدث.. ثم كانت الورقة (الرابعة) وهي (الأرض).. وإن أرض الله واسعة، إلا أنها بالبلواء تضيق جداً.. حتى قال شاعرها: لعمرك ما ضاق بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق ü فوقف الحوار طويلاً حول مفاهيم (الحيازة) التاريخية والإمرة الحكومية.. وتداولوا من ثم حول الأعراف والشريعة والقانون؛ ليتوقف الناس -تحت هذا الصيوان الفسيح- يتوقفون لإحسان ورصد التوصيات (الأرضية) ولينضموا من بعد لأطروحة (التنمية).. وما أدراك ما التنمية.. من (تعليم)، و(صحة)، و(مياه)، و(مكافحة للفقر) و(شباب)، وثقافة ورياضة، و(ريادة)، وربط كل ذلك بالمتغيرات الاقتصادية، والظرفية، والبيئية.. وأين المغتربون والمستثمرون، وما إلى ذلك.. ثم ليختموا أوراقهم بلائحة مجلس الحكماء.. وتتابع أبوابها وفصولها واعتماد الملاحظات حولها وإجازتها بمدينة (كاودة) في دورة مجلس الحكماء الثانية بالسودان، ومها أدركنا يومنا (الثالث)، حتى أهل علينا الأخ/ علي عثمان محمد طه.. بكاودة.. وبرفقته الأخ/ رياك مشار.. وآخرون من الوزراء وعلى صدرهم والي (ج كردفان) ونائبه وحكومته، واحتشدت محلية هيبان في (كاودا)، مهللين، ومكبرين (بالفصيح) و(بالشعبي)، وخاطبهم نائب رئيس حكومة جنوب السودان (رياك)، وواجههم مخاطباً الأخ/ علي عثمان محمد طه / نائب رئيس الجمهورية، بعباراته الحكيمة، ثم قال لهم: أرى أمامي شباباً.. وأدركت أنه يحتاج إلى تأهيل (مهني وحرفي) فإليكم (معهداً للتدريب المهني)، وأرى كذلك أمامي شابات طموحات.. فإني أعتمد مدرسة ثانوية للطالبات بداخلية كاملة.. ولأنني كذلك علمت وعايشت البطولات الإقليمية والعالمية في مختلف المضامير فإني أتحمل مركزاً (شبابياً) بكل الأجهزة الرياضية والمعدات والبيئة.. على أن أشهد معكم هنا بكاودة بعد (أربعة) أشهر فقط.. أشهد معكم إفتتاح هذه المنشآت.. فضج القوم وارتفعت الأصوات والأكف.. وشكروا الله على هذه الزيارة.. وهذه السوانح التي جاءت كناتج للسلام.. مع بطل السلام الأخ/ علي عثمان.. ومن هنا توجه الوفد الرئاسي لكادوقلي لمتابعة ملتقى ولايات التمازج الشمالي الجنوبي (العشر) بسودان الصمود والتجدد.. وما كان (مني) إلا أن شاهدت (المسجد) العتيق بسوق كاودة.. والذي تهاوت جنباته.. فطلبت من الشباب أن يسارعوا بتقديرات الصيانة والتأهيل.. لأن مسلمي (كاودة) يسودهم الحرص على أداء صلواتهم وحلقاتهم بمساجدهم.. وهذا أحدها.. ومن ثم توجهنا للمطار الريفي (بكاودة)، وفي انتظارنا للطائر الميمون.. أدركنا صلاة الظهر.. والعصر (تقديماً) وقصراً.. فحين اغتسلنا كان المسجد المفخم النظيف على حافة مطار (كاودة).. فكان حمداً لله رب السماء والأرض.. (.. فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من «خوف» ).. والله أكبر.