حققت المرأة السورية وشقيقتها السودانية انجازات اجتماعية وقانونية، وتبوأت أعلى المناصب السياسية والحزبية والقضائية ، ربما لم تحققه المرأة في كثير من الدول العربية، والعالمية، وفي الثامن من آذار من كل عام تحتفل دول العالم ب(اليوم العالمي للمرأة)، وهو مناسبة لحث الدول على ردم الفجوة بين الجنسين، والتي مازالت تعاني منها شرائح واسعة من النساء في العديد من المجتمعات،ولاسيما دول العالم النامي، رغم الحضور الذي حققته المرأة في سوق العمل والمجتمع والأسرة ،مع ذلك الكلام والأسئلة عن المرأة ووضعها وواضعها لاتزال تشغل البال، إنه سؤال عالمي يتركز على تعريف للمرأة لكنه يلقى إجابات غامضة. فقد نشرت احدى المجلات الفرنسية منذ فترة آراء باحثين ومتخصصات في علم النفس وعلم الاجتماع ومشتغلات في الموضة، كلهم أجابوا عن سؤال أن تكوني امرأة، ما معنى ذلك؟ حري أن نستعرضها في هذه المناسبة. تحدث البعض عن المرأة الخارقة، مؤكدين أن المرأة العصرية هي إنسان يقوم بمهمات متعددة، صاحبة دار لتصميم أدوات التجميل وبيعها، تقول: (المرأة اليوم هي سوبر امرأة لا ترتاح، لا تنسى أبداً أن الأمر الأكثر أهمية هو أن تكون سعيدة ومتصالحة مع نفسها). وهو الكلام الذي يتناغم مع تعريف إحدى الكاتبات ،التي تؤكد: (أن تكوني امرأة اليوم يعني أن تكوني حاضرة بقوة في المجتمع، وأن تؤدي دور المرأة أداءً تاماً على كل الجبهات، في مكاتب العمل وصالات الاجتماعات، وراء عربة الطفل ومقود السيارة، أن تكوني امرأة يعني أن تواجهي تحدي التعددية في المهمات عبر التاريخ لم تكن المرأة مثيرة للاهتمام كما هي اليوم، إنها جميلة، متعددة، حساسة).وهنا تتدخل، رسامة ومؤلفة قصص مصورة، وتقول:(أن تكوني امرأة اليوم يعني أن تجيدي القيام بكل شيء، الانخراط في سوق العمل، الاهتمام بالأولاد، التحكم في الكمبيوتر والسيارة، أما الرجال، فإنهم يبدون مستقيلين من هذا النشاط المتعدد التوجهات) وتتوالى التعليقات التي تنظر إلى المرأة في يومنا هذا ككائن متعدد الأعمال والاهتمامات والمهمات، سيدة أعمال، تقول:(أن تكوني امرأة شيء أشبه بوظيفة لا راحة منها، عمل يستمر 24 ساعة يومياً، إننا نتعلم ونعمل كالرجال، نحن أمهات نعطي الاهتمام الكبير لأولادنا ونعوض غيابنا عنهم (للعمل) بنشاطات مختلفة نتشارك فيها معهم، المرأة اليوم رفيقة حنون، أنثى غير متشبثة بالمطالب النسوية، ووسط كل الانشغالات والمهمات، تجد المرأة العصرية الوقت لتهتم بنفسها، وتبحث عن بعض الوقت كي لا تنسى أن تبحث عن ذاتها، وإذا كانت المرأة هي مستقبل الرجل، فسيلزمها الكثير من الحب والطاقة لكي تنجح في تحقيق هذا التحدي)هل تخلصت المرأة في الدول النامية خصوصاً، من عبء ما ورثته من الأجيال السابقة، من صورة المرأة الخاضعة، معالجة نفسية، في شهادتها نقرأ: (أن تكوني امرأة يعني أن تقتربي كل يوم من حلم النساء، أن نعرف كيف نقيم التوازن بين الإرث الثقيل الذي نحمله من الماضي من جهة، والتعبيرات الاجتماعية العصرية، على المرأة أن تعرف كيف تربي رجل الغد، أي الرجل الذي سيسهم في تطوير العالم). أما المعالجة النفسية، «كلوي كلون تريست»، فتقدم إجابة صالحة لكل الأزمنة: (المرأة هي القادرة على إعطاء الحياة، أن تكوني امرأة يعني أن تعرفي كيف تحبين). وهو كلام يلتقي مع ما يعلنه الباحث «جو دولافون»: (المرأة تعلمنا دون قصد منها، أهمية التسامح والانفتاح على العالم، تعلمنا كيف نستمع إلى الآخرين دون إطلاق الأحكام، تعلمنا العطاء دون انتظار أي مقابل). بعيداً عن الصورة المثالية للمرأة ، هناك شهادات تذكر بها كإنسان له هوية جنسية مهمة في تحديد بعض خياراته، المعالجة النفسية المهتمة بشؤون الأزواج «صوفي كادالين » كتبت تقول: (أن تكوني امرأة هذا يعني بالدرجة الأولى أنك كائن له هوية جنسية تحدده، ولكن كيف يجري هذا التحديد، إنه السؤال الذي يجدر بكل امرأة أن تبحث عن إجابة له بغض النظر عما تقوله الأخريات، فكل امرأة تتمتع بالقدرة على الابتكار والخلق وحدها). ولكن قليلة هي الشهادات التي تسلط الضوء تسليطاً مباشراً على دور المرأة التنموي، الكلام يرتكز على تعدد مهماتها دون تحديد دورها في التطور العالمي على صعد مختلفة، هنا تكتب الباحثة الفرنسية مود فونتونوي(النساء هن صانعات التنمية المستدامة، في قلوبهن يحملن حلم الحفاظ على كوكب الأرض وحمايته من الأخطار البيئية المحدقة بنا). قد تكون شهادة« كلود سوزان ديديرجان جوفو» المهتمة بشؤون الموضة، أكثر ما يلفتنا إلى اعتزاز أنثى بهويتها كامرأة إذ تقول: ( شعرت دائماً بأنني صاحبة حظ كبير لأنني ولدت امرأة، أحببت دائماً كل ما تختلف به الأنثى عن الرجل، القدرة على الحمل، الولادة، الرضاعة). هذه الشهادات تلفتنا إلى عدة أمور، أولها الاهتمام الذي توليه نساء غربيات لهوية المرأة ولمكانة المرأة العصرية، وهو اهتمام يترجم من خلال الكتابات والأبحاث عن أحوال النساء في هذا العصر،ونتنبه أيضاً إلى أن تعريف المرأة يدور حول أمرين، قدرتها على المحافظة على دور محوري داخل الأسرة، بل إنها تقوم بدور متعاظم في هذا الإطار، وتقدمها في سوق العمل، إنها صاحبة المهمات المتعددة، هذا التعريف لم يدرس، لم يعلق عليه، حتى ليتساءل القارئ: لماذا لا يجري التركيز على الأثمان التي تدفعها المرأة مادامت تقوم بأعباء كبيرة، وهل تمكنت المرأة - على المستوى العالمي- من اكتساب حقوق توازي تقديماتها؟ إذا كانت المرأة في أكثر الدول تقدماً لاتزال تبحث عن هويتها وسط التطورات الهائلة التي زجت بها في أسواق العمل تقوم بالمهمات الصعبة التي يقوم بها الرجال مع الحفاظ على دورها كأم. فكيف هو الحال في البلدان النامية وبلداننا العربية..؟ مشكلة العنوسة من أبرز المشكلات التي تعاني منها المرأة في مختلف الدول العربية، وينتج عنها أزمات عديدة، يضاف إلى ذلك مشكلة العمل، فبفضل التعليم ودخول المرأة المعاهد والجامعات زادت طلبات الراغبين على العمل في أوساط النساء وتلك أزمة يعاني منها الشباب قبل النساء، بما يزيد مشكلة البطالة تفاقماً في بلداننا العربية يضاف إلى هذا جملة من المشكلات التي تعاني منها شرائح نسائية واسعة تفرضها العادات والتقاليد. كالزواج المبكر و زواج الأقارب الذي لم تفلح الإجراءات المتخذة والتوعية للآن في الحد منه. لقد حققت النساء في الدول النامية والمماثلة ظروفها لظروفنا تقدماً كبيراً وصل إلى مستوى نظيراتهن في الدول المتقدمة، الأمر الذي يتطلب المزيد من التوعية والعمل لتقليص فجوة التمييز الجندري بين الجنسين ليس لرفع الحيف الذي لحق ومازال يلحق بالمرأة فحسب، إنما بقصد الانطلاق بطاقة هذه الشريحة إلى مجالات الإنتاج والعمل والتنمية لتحقيق التقدم المطلوب، فالمرأة في سورية تشغل مواقع قيادية مهمة ، فهي نائب رئيس الجمهورية والوزيرة وعضو مجلس الشعب والنائب العام في القضاء وسيدة الأعمال الناجحة، وتحقق النجاحات المتتالية متسلحة بالمساواة التي نادى بها الاسلام منذ 14 قرنا وتعمل الأنظمة والقوانين الوضعية على حمايتها ، والمرأة السودانية حققت الكثير من خلال اعتلائها مواقع قيادية في الدولة والأحزاب والوظائف ، وتعمل جنبا الى جنب مع الرجل لتحقيق المستقبل الزاهر لهذا البلد.