بعد الهيصة والهيلمانة التي عملها نواب الأخصائيين لإضرابهم السابق ظن صديقنا عبد الرؤوف أن ابنته المريضة بمستشفى الخرطوم ستروح ضحية للإضراب الذي نفذه نواب الاخصائيين، فارتعد خوفاً عليها، إلا أن مخاوفه سرعان ما تبددت عندما دخل على مكاتب الأخصائيين، ووجدد الكل يعمل بهمة عالية وعرف أن النواب بضجيجهم الذي ملأوا به الدنيا لم يؤثر غيابهم. إن الأمر لم يتعدّ الضجيج إلى أثر ملموس في المستشفيات التي في حسابها أن كل نائب هو متدرب، وأن المشكلة لا تكون في غيابه أو إضرابه، ما دام كل الأخصائيين وغيرهم من الكوارد الطبية يعملون، إلا أن السؤال المهم هنا: ماذا فعلت وزارة الصحة تجاه المضربين من الأطباء، والقانون يمنع إضراب أي طبيب، مهما كان وزنه، وامتناعه عن معالجة المرضى في أي وقت، وتحت أية ظروف؟ وهل صمتت خوفاً من ضجيجهم الإعلامي، الذي هو كل ما نجحوا فيه؟ وهل ستسمح معهم وهم يهددون الآن بتنفيذ إضراب آخر دون مسوغ بعد أن نالوا كافة مستحقاتهم؟ وهل ستتسامح الوزارة المعنية بصحة الإنسان بأن تكون المهنة مطية لأحزاب تستهدف الإنسان.. فالبيانات النارية المهرجة، التي صدرت، والتي تستهدف بشكل واضح، الوزيرة تابيتا بطرس، والوكيل الإنسان، والقيادي الكفء، د. كمال عبد القادر، كلها أجندة سياسية.. فالوزيرة تابيتا، مثل د. لام أكول، عملت بمهنية عالية، رفضها المهرجون من أمثال ياسر عرمان، ومن هنا بدأت الاستهداف، الذي نتوقع أن يقود إلى تمرد النوبة، داخل الحركة، والذين قبضوا بعد نيفاشا الربح من تمردهم بجانب الحركة الشعبية، ويجدون الآن تابيتا ممثلتهم يتم حربها من هذا الباب، لاستكثارهم عليهم حتى وزارة الصحة التي قدمت وزيرتهم فيها تجربة مشرفة جداً، لتأتي البيانات التي يعف اللسان على ذكر ما بها، ويعف القلم عن كتابتها، في هذه المساحة.. ولا أعتقد في غياب المبرر سيكون لأي إضراب قد يقوده النواب ومن وراءهم أثر، بل سيجدون السخط بحكم أن أي إضراب لا يشل شيئاً، أو ينقص شيئاً، ولا يؤكد إلا حقيقة أن نواب الأخصائيين في بلدنا التي تدفع كل عام بمئات الأطباء الجدد من جامعاتها الكثيرة، التي أنشأتها الإنقاذ بأنهم كائنات زائدة عن الحاجة، كما يؤكد أن الأمر بحاجة إلى مراجعة، حتى لا يتم الدفع بأطباء لا يلتزمون بقانون وأخلاقيات المهنة، فالطب مهنة أخلاق قبل الشهادات العلمية.