* د.أمين حسن عمر، مفاوض محنك.. ومفكر مقتدر، وإداري، وإعلامي معروف، قاد وفد الحكومة لمفاوضات السلام مع حركة العدل والمساواة، في الدوحة، عاصمة قطر، وأسفرت الجولة الأولى عن توقيع الاتفاق الإطاري، الذي كسبت منه الحركة (الجناح المسلح لأحد الأحزاب) ما كسبت إذ أعتقت رقاب منسوبيها (القتلة) من حبل المشنقة، وأولهم عبدالعزيز عُشَر، الأخ غير الشقيق لخليل إبراهيم، قائد الحركة، وأطلقت سراح بقية(المحاربين) لينضموا مرة، أخرى لوحداتهم المتمردة.. والتي توالي (خروقاتها) في الميدان (وخراقتها) في الإعلام.. وبدا د.أمين محبطاً، وهو يقول، عن حركة العدل والمساواة: إنها متعنتة.. وجامدة.. وغير راغبة.. وعدائية.. وأن أفق المفاوضات معها مسدود.. وإنه لم يُعقد أي اجتماع معها، منذ توقيع الاتّفاق الإطاري في إنجمينا!! وهو أمر مفهوم إذ أن الحركة حققت ما تصبو إليه واستمتعت (بكرم) أمير قطر الفَّياضَ، ولم تتنازل عن أي شيء، بعد أن كسبت كل شيء.. فما زال أسرى الحكومة في أيديها، وما زالت تطالب بحكم الخرطوم.. وكردفان، ودارفور، وثلث نصيب دارفور من الثروة.. وفترة انتقالية.. تتحكم فيها بدارفور، وتطبق نموذج حكومة الجنوب، حسب ما جاء في نيفاشا، وللدكتور الترابي رأي واضح في ذلك.. إذ أنه ينادي بتكرار نموذج نيفاشا في دارفور.. وكل هذا الذي ذكرناه معلوم بالضرورة لكل الجهات المختصه من قبل وأثناء وبعد المفاوضات في الدوحة وإنجمينا، وإذا سألت أي (واحد) لقال لك: أيوه عارفين ومتأكدين من أن الحركة (العدل والمساواة) لا تملك أمرها.. وأنها تتبع داخلياً لحزب معين وتلتزم بتوجيهاته.. وتتبع خارجياً لجهات معروفة تتلقى منها الدعم والإشارات.. ومع ذلك نفاوضهم!! قال لي أحد كبار المسؤولين السابقين، وهو ملم بقضية دارفور إلماماً كاملاً، قبل تصريحات د.أمين، قال: (يا أخي الضل بيتصارع!!؟.. ديل بيصارعوا في الضل) وأردف قائلاً: (أنا سألت أحد كبار أعضاء الوفد المفاوض، هل تعلم بأن العدل والمساواة تتبع لحزب معين، وتأتمر بأمره، وأنها تتبادل معه الأدوار.. فأجاب بالإيجاب) فقلت له: طيب ماتختصروا الحكاية، وتوفروا الزمن، وتصارعوا الأصل!! بدلاً من مصارعة الضل) انتهى كلام المسؤول. ومن هنا يتضح بأن ما بشرنا به الاتفاق الإطاري، حلمٌ بعيد المنال.. وأن أزمة دارفور ستستمرّ، أثناء، وبعد الانتخابات؛ لأنها (العصا التي ستوضع في دواليب المؤتمر الوطني) حتى لا ينطلق بعد الانتخابات، التي ستأتي بالمؤتمر الوطني، حزباً حاكماً، وبالمواطن عمر البشير، رئيساً لمدة أربع سنوات، تتبدد أيامها، دون أن يتحقق من الوعود شيء، بسبب حرب الاستنزاف في دارفور.. وحرب الابتزاز الدولي الدولية، فإذا ما حلَّ موعد الانتخابات القادمة، خرج المؤتمر الوطني صفر اليدين، والخطة الجهنمية هي(التشتيت) تشتيت الأصوات أولاً، ثمَّ تشتيت البلاد، فسيشهد مطلع العام القادم انفصال الجنوب.. ثم يليه انفصال دارفور .. ثمَّ تبرز أقاليم أخرى تطالب بالانفصال، ودونكم الجبهات القابلهة للالتهاب، في جبال النوبة، وجنوب النيل الأزرق، وغيرها (والله يكضب الشينه).. ولا نريد أن نفرط في التشاؤم، ولا أن نمعن في التفاؤل، فقد قال برناردشو، الفيلسوف البريطاني الساخر: (إن المتفائل من يرى النور، وكل ما حوله ظلاماً.. والمتشائم من يرى الظلام وكل ما حوله نوراً .. وكلاهما غبي..) * الدكتور أمين حسن عمر، رجل هادئ، ومتوازن، لكن في أثوابه أسدٌ هصورُ.. وخلافاً (للقطامة) التي تبدو على شكله الظاهر، ومخارج حروفه، التي يلوكها قصداً.. إلا أنه مرح وحاضر النكتة والبديهة.. وقد كان يشغل منصب الأمين العام.. لوزارة الثقافة والإعلام وقتذاك (عندما أخطأت مذيعة السهرة خطأً فادحاً.. فسألني، فأجبته بأن هذه السهرة مفروض يقدمها (فلان) لكنه اعتذر؛ تفادياً لكثرة ظهوره في الشاشة.. فردَّ أمين قائلاً: (عليك الله قول ليهو: (شناتك) أهون علينا من(بلادة) فلانة). فيا دكتور أمين، أهلنا المسيرية يقولون:- (فلان يقولوا ليهو داكُ الدود (الأسد).. يقول: وروني دربو؟ فما معنى أن نتتبع الأثر، إذا كنا نرى الهدف؟. وهذا هو المفروض..