الجدل الذي أثارته المعارضة حول الانتخابات العامة، والتي تعتبر أول انتخابات منظمة لاختيار رئيس الدولة والولاة ونواب البرلمان ورئيس حكومة الجنوب ومجلسه التشريعي لهي جديرة بالاهتمام إذ تأتي عقب فترة تزيد عن العشرين عاماً من آخر انتخابات جرت في البلاد إنه لمن المحزن أن تضع الأحزاب المعارضة العراقيل والمتاريس في الطريق الذي يؤدي إلى صناديق الاقتراع.. فهذه المعارضة هي أول من نادى لقيام هذه الانتخابات رافعةً شعار تحقيق الديمقراطية والتحول من نظام الإنقاذ الشمولي إلى نظام ديموقراطي بعيداً عن حكم الحزب الواحد. المعارضة السودانية بكل تجربتها السياسية والبرلمانية أعطت انطباعاً لدى الناخب السوداني.. أنها فقط تسعى للوصول للسلطة دون مراعاةٍ لممارسة أسلوب ديموقراطي صحيح.. وأن عدم ثبات قياداتها على رأي أو موقف معين يدل على أن أحزابها فاقدة للجوانب التنظيمية والسياسة المرسومة التي تحمل برنامجاً حزبياً مقنعاً يُطرح على الناخب السوداني كي يفهم أهداف الحزب وماذا سيقدم لمقابلة طموحات وتطلعات الناخب السوداني. المتابع لحركة أحزاب المعارضة منذ إعلان المفوضية القومية للانتخابات موعداً محدداً لخوض الانتخابات-11 أبريل 2010 - يُصاب بدهشة واستغراب لتقلبات الآراء في أوساط الأحزاب المعارضة التي دفعت بمرشحيها للمنافسة في الانتخابات بداً من المستوى الرئاسي وحتى آخر مستوى.. لكن سلوكيات الأحزاب اتجهت إلى شن حملات التشكيك والهجوم اللاذع على حزب المؤتمر الوطني الحاكم.. بل ذهبت هذه الأحزاب إلى استخدام نظرية المؤامرة ضد حزب المؤتمر الوطني الحاكم بعقد تحالفات مع بعضها، في البداية كانت الفكرة تقديم مرشحيها بهدف تشتيت الأصوات حتى لا يحصل مرشح حزب المؤتمر الوطني للرئاسة على النسبة التي تؤهله للفوز منفرداً، أو على فرضية أن تكون هنالك جولة ثانية بمؤامرة أخرى. وحتى يومنا هذا- والعملية الانتخابية الفارق الزمني لها لا يتعدى أصابع اليد الواحدة - ما زالت بعض أحزاب المعارضة لم تقرر وتتردد في خوض العملية الانتخابية أو تلجأ للعزوف عن ذلك.. لكن المعارضة برهنت بأن أحزابها لا رابط قوي بينها ولامصالح متجانسة.. ويأخذ غالباً تحالفها مع بعضها طابع المصالح المتباينة.. واعتادت على نقض العهود والالتزامات لذا نجد أن بعض أحزاب المعارضة تعيش الآن في حالة من التخبط وانعدام الوزن وينتابها شعور بالخوف من الفشل أو إحراز نتيجة انتخابية لا ترضي طموحاتها ولا تجد مكاناً في وجدان الناخب السوداني. إجراء الانتخابات في أي دولة من دول العالم المنتمية لمنظومة المنظمة الدولية تعتبر استحقاقاً ديمقراطياً وممارسة أصيلة يجب أن يمارسها أي مواطن في الدولة.. أما أن تقوم المعارضة السودانية لعرقلة الانتخابات ووضع المتاريس أمامها لأسباب واهية وتكيل اتهامات مسبقة طعناً في نزاهة وحيادية الانتخابات قبل أن يذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع.. هذه افتراءات وادعاءات لا ترتقي أن تصدر من أحزاب ذات ثقل سياسي وتجربة سابقة في الحكم. الآن العالم كله والدول الكبرى تبارك وتؤيد قيام الانتخابات في السودان في موعدها المحدد «أمريكا، روسيا، الصين.. وكل المنظمات الدولية ذات المستوى الرفيع..» ولأهمية الانتخابات أرسلت المؤسسات الإعلامية ومراكز المراقبة مراسليها ومراقبيها لمتابعة العملية الانتخابية.. أبعد هذا تطل علينا بعض أحزاب المعارضة لوضع شروط وممارسة ضغوط لإفشال التجربة والمطالبة بتأجيل أو إلغاء الانتخابات بعد أن اُستعد لها داخلياً وخارجياً !!.. لكن واقع الحال يقول لن تؤجل الانتخابات وستقوم في موعدها ولا خوف على ذلك لأن التشكيك والاتهامات بدأت قبل قيام الانتخابات وستستمر أيضاً بعد انتهائها.. وإذا ذهبنا في الاتجاه المعاكس مع فريق المعارضة، هل ندعو إلى إلغاء الانتخابات من كل دول العالم، ونترك الحكم للأقوى ليحكم بشريعة الغاب ولتذهب حرية الرأي والرأي الآخر إلى الجحيم.