منذ توقيع السلام الشامل 2005م بمدينة نيروبي بكينيا والتأكيد على الاتفاقية بإجازة دستور 2005م المؤقت، كان معروفاً بالضرورة لكافة العامة أنه ستجري انتخابات ديمقراطية في السودان، وأن الأحزاب السياسية السودانية ستكون وقود هذه الانتخابات وأن الاستعداد للانتخابات يعني الاستعداد التنظيمي والمالي والنفسي (التعبئة).. وإن كانت الأحزاب عقدت مؤتمراتها التنظيمية إلا أن بعضها أي الأحزاب لم تخرج قوية للانتخابات بل خرجت من مؤتمراتها بانقسامات وتداعيات ظلت مؤجلة من عام لآخر حتى حلَّ موعد الانتخابات، والأحزاب السياسية علمت بعضوية المفوضية القومية للانتخابات وتعاملت معها ولم تحتج عليها، وظلت المفوضية تواصل عملها بالتشاور مع الأحزاب وذهبت الأحزاب إلى جوبا وعقدت تحالفاً لم تسمه تحالف جوبا ضد المؤتمر الوطني ولكنه كان بالقطع تحالفاً ضد المؤتمر الوطني. وقد كان للحركة الشعبية أجندة في مؤتمر جوبا أهمها مباركة الأحزاب لانفصال جنوب السودان عن السودان، وحصلت الحركة على موقف، شبه إجماع من الأحزاب، على حق الحركة في الانفصال بالجنوب وأطلق عليه البعض انفصال حسنى، أي أن تكون المفارقة أخوية، وظلت الحركة تزرع قناعتها بالانفصال على إثر تصريحات ساسة الشمال، وإن كان للحركة أجندة تجاوبت معها الأحزاب، إلا أن الأحزاب تجاوبت مع أجندة ياسر عرمان الانفصالية المعادية للمؤتمر الوطني وكل قيم الشعب السوداني وأعرافه. وزُجَّ بالأحزاب في نفق مقاطعة الانتخابات لأسباب واهية ومعالجتها تعني المزيد من المغالطات.. يقولون إن البطاقات طُبعت بمطابع العملة السودانية وفي ذلك مدعاة، والغريب أن الابنة رباح الصادق جعلت هذه واحدة من الأسباب التي تدعو للتأجيل حتى تذهب المفوضية خارج السودان لطباعة بطاقات جديدة، وهي ابنة الإمام، يا رباح هل الخارج لا يزِّور؟ وهل الخارج أكثر حرصاً علينا من أبناء السودان؟ المطابع في الخارج ليس لها وكلاء ، هم الذين أقاموا الأرض ولم يقعدوها وحرَّضوا الأحزاب السياسية في شكِّها، مما جعل المفوضية تطبع البطاقات في مطابع العملة. هؤلاء إن كانوا سماسرة خواجات أو أولاد بلد هم أيضاً يستطيعون التزوير لمن يدفع، ولكن مطابع العملة لا تعمل على تخريب سمعتها، ويا مريم البطاقة يؤشر عليها الناخب أمام اللجنة وتدخل في الصندوق أمام اللجنة والصندوق لن يتحرك من مكانه إلا بعد حرزه، فكيف وأين يكون التزوير؟ لا تُضحكوا علينا العالم بمثل هذه الحجج الواهية، ويا أخت عبد الرحمن هل الأممالمتحدة مشاركة مع المؤتمر الوطني في هذه المؤامرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي لم يدافع عن المطابع الأجنبية!! الأحزاب حكمت على الانتخابات بأنها مزورة قبل إجرائها، وظلوا يتحدثون عن تزوير الانتخابات ثم قفزوا لدارفور التي ظهرت فيها الفتنة لسنوات مضت ولم تطالب الأحزاب بتأجيل الانتخابات حتى تحل مشكلة دارفور، وهذه الأحزاب أجرت انتخابات في جنوب السودان في زمن الحرب ولم تتعطل الانتخابات في السودان بسبب حرب الجنوب، الحزب الشيوعي و حزب الشعب الديمقراطي قاطعا الانتخابات وجرا البلاد لفتنة كبرى أهدرت فيها أرواحٌ وأموالٌ وسقط الحزب الشيوعي وحزب الشعب الديمقراطي، وكانت الجمعية التأسيسية رغم أنف المقاطعة. لقد ظل الحزب الشيوعي يرمي لمقاطعة الانتخابات لأنه حزب يفتقر للجماهيرية ولا يبحث عنها، والأحزاب لا تعي أمرها. لقد كان لحزب المؤتمر الشعبي موقف يليق بقيادته، فهو حزب جاد أراد أن يتمرن تمريناً ديمقراطياً وأن لا يركن لأجندة الآخرين الذين لا همَّ لهم إلا التعبئة عكس التيار العام لإهدار الزمن والمال. السيد الصادق المهدي يعلم أن الحزب الشيوعي لا ناقة له ولا جمل في هذه الانتخابات ولا القادمات بإذن الله، وحسناً فعل- فصيل من البعض - عندما أعلن المقاطعة وخرج من المماطلة و (اللؤلوة) فهل السيد الإمام لا يعي ذلك؟ حزب الأمة مخرجه في التوحد وخوض الانتخابات، وسيعاد بناء الحزب على صناديق الاقتراع لا في الدوائر المغلقة. هل يريد الإمام خيراً في دعوة من فاروق أبو عيسى، الذي لم يعرض نفسه على جمعية عمومية في حياته، فهو العضو المعين دائماً هل يرهن أماني الأنصار وتطلعات الشباب لعرمان وأبو عيسى، وقد انكشف عرمان وأبو عيسى لا يحتاج إلى تعرية فهو رجل بلا تاريخ، إلا التهريج السياسي ومعاداة أهل السودان ونقول لهم (سير سير يا سودان) ولن يلتفت أحد للوراء إلا امرأة لوط ومن سار في دربها إلى النار.