مسلسل القتل والتدمير اليومي المبرمج ضد العراق العربي ، شعبا وأرضا وحضارة، لم يتوقف لحظة واحدة منذ الغزو الأمريكي البريطاني الغاشم في العام 2003 ، يضاف اليه سنوات الحصار الجائر الظالم لسنوات طويلة ، هذا المسلسل الارهابي تتكشف حقائقه وتفاصيله يوما بعد يوم من خلال ما تسجله كاميرات الجنود الغزاة الذين ورطتهم قيادتهم في حرب عبثية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، فمن فضائح سجن أبو غريب الى جرائم شركات المرتزقة التي يذهب ضحيتها المئات كل شهر، حتى بلغ عدد شهداء العراق أكثر من مليون شهيد بالاضافة الى ملايين الجرحى والمعوقين واليتامى والآيامى والأرامل ، وملايين المهجرين داخل العراق وخارجه . وتبدو جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها الغزاة الاميركيون في العاصمة العراقية الجريحة بغداد في العام 2007 ،وكشفها شريط سري لجيش الاحتلال، هي الصورة الواقعية للمذبحة المستمرة ضد الشعب العراقي منذ سبع سنوات، وليست المسألة كما يصورها الاحتلال الاميركي واعوانه، مجموعة من الاخطاء الفنية، ناتجة من عدم معرفة طبيعة الارض او من جهل بسبب تعيين الاهداف بدقة، فمنذ غزو افغانستان والعراق سوقت الدعاية الاميركية (اسطورة الحروب الذكية)، ولطالما تباهى القادة الاميركيون، بتقدم التكنولوجيا التي تستعملها قواتهم في تحديد الاهداف ،وبالاسلحة المتطورة التي استعرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ،وتفاخرت بدقة اصاباتها، وبقنابلها الذكية الموجهة من الجو، التي خبرها اللبنانيون والفلسطينيون بواسطة الطيران الحربي الاسرائيلي، وشهدوا بصماتها على جثامين اطفال قطاع غزة وبلدة قانا ومئات الشهداء الذين ابيدوا بدم بارد. إنها مسألة قيم وأخلاقيات ، فالمستعمر الأميركي بربري كأي مستعمر ، يبيح الإبادة الجماعية لشعوب يحتقرها وينظر إليها بعنصرية وبكراهية، ولا يقيم لها وزنا في حساباته أمام مخطط سيطرته، وعند سعيه لإخضاع تلك الشعوب التي يتطلع لنهب ثرواتها، وللتحكم بحياتها وبمستقبلها السياسي والاقتصادي بواسطة عملائه وعبر شركاته الاحتكارية. القتل الجماعي هووسيلة ترهيب وإخضاع في العقيدة القتالية الأميركية ، وهي عقيدة استعمارية قديمة لا صلة لها بقيم حقوق الإنسان ، وثقافة العسكرية الأميركية التي تحتل العراق وأفغانستان وتحارب في باكستان ، هي ثقافة قتل جماعي ، وتدمير بالاشتباه. الشريط الذي نشره موقع أميركي، وهز وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، لدرجة اتخاذ تدابير قضائية عقابية ضد (مؤسسة ويكليكس) الأميركية التي فضحت هذه الجريمة ،وصعود المطالبة الحكومية بإغلاقها وحجب موقعها ، هودليل دامغ على الغطرسة الاستعمارية، ونموذج مصغر عن كيفية قتل عشرات الآلاف في العراق وأفغانستان من السكان الذين تبيدهم آلة القتل الفالتة، لمجرد تواجدهم في مناطق يفترض الجنرالات الأميركيون أنها تضم معاقل لمقاومين، أوكما يسميهم قاموس الذرائع الأميركية إرهابيين وفي أحسن أحواله متمردين . الحدث بذاته كشف قيام وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، وقيادة الجيش الأميركي، بالتزوير والتضليل والدجل ،كما تبين في بيان (وكالة رويترز) التي ذكرت أنها تلقت بعد استشهاد مراسليها تسجيلات وتقريرا عن العملية يلقيان المسؤولية على من سمتهم القيادة العسكرية الأميركية بالإرهابيين الذين كانت تطاردهم، ليتبين من التسجيل الذي لم ينكره الجيش الأميركي، بل تحرك لمعاقبة من نشروه ، أن أمرا بقتل الصحافيين العراقيين قد صدر بناء على الزعم بأن الكاميرات هي أسلحة، والحقيقة هي أسلحة خشي القادة الأميركيون أن تكشف المجزرة التي استهدفت مواطنين عراقيين ،ومركبة فيها أطفال، بقصف من الطوافات العسكرية وحيث يقول بعض الجنود في حوارات مسجلة إن الذنب في موتهم هوعلى ذويهم الذين اصطحبوهم معهم ، في تبريرهم لأوامر تدمير المركبة . هذا الشريط هوعينة من حقائق دفن معظمها ، مع ملايين الضحايا الذين قتلهم المستعمر الأميركي في حروبه من أجل النفط و«إسرائيل» ،الكراهية والعنصرية في النظر إلى شعوب العالم الثالث هي سمة البربرية الأميركية ودافعها الحاسم ، وهوما لن تفلح في ستره كلمات باراك أوباما المعسولة ، وتلك السمة المهيمنة هي المحرك للمجازر المستمرة والمتمادية في العراق وأفغانستان وباكستان، ولما فعلته الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيادة باراك أوباما في هاييتي التي تحولت إلى ميدان تدريب لقوات الغزوبعد كارثة إنسانية رهيبة تحوم الشبهات عن اختبار أميركي في عمق البحار يقف خلفها وموضوعه القنابل الزلزالية ( سيضيفون لاحقا الذكية طبعا إلى التسمية ! ) . أما عن حرية الإعلام التي يتباهى بها القادة الأميركيون ، فالعراق كان مسرحا مشهودا لاختبارها وتصفية الزميلين العراقيين من مراسلي رويترز هي واحدة من سلسة اغتيالات مقصودة ضد إعلاميات وإعلاميين من وسائل إعلام عربية وأجنبية تواجدوا على الأرض لممارسة عملهم المهني، ولنقل صورة ما يحدث ، والصورة تفضح جانبا من جرائم ضد الإنسانية في حرب قدمها الغزاة تحت غلاف إنساني واه ، كعادة كل مستعمر ،الفضيحة وصمة جديدة لإدارة باراك أوباما التي تتقن التستر على جرائم سابقتها ،وتقدم الحماية لرموزها، فتمنع عنهم الملاحقة، وتحفظ الملفات السرية لجرائمهم المنظمة ، لأنها إدارة تواصل الحروب الفاشلة لإدارة جورج بوش ، وتسعى لاحتواء الفشل، لكنها تعمل لذات الأهداف وبذات الأخلاقيات العنصرية والاستعمارية مع إدخال تغييرات طفيفة على أغلفتها التسويقية فحسب ،حرية الإعلام تحصدها نيران القتل الأميركي المنظم عند الحاجة ، والتدابير القمعية تستهدف كل إعلام حر في قلب الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعلى مدى العالم ، تلك هي الحقيقة التي تقدمها لنا صور الجريمة النموذجية التي شاهدناها بفضل إعلاميين أميركيين أحرار ، يقاومون عنصرية الحكم الاستعماري الذي يقود حروب إبادة ضد شعوب أخرى ويكثر من الحديث عن حقوق الإنسان وعن قيم الحرية والمساواة والعدالة وإياكم أن تنسوا نشر الديمقراطية بالبوارج والدبابات وبالقرارات الدولية التي تقف عند العتبة الإسرائيلية . وللعدالة في العراق معنى واحد هوجلب كل من ديك تشيني وجورج بوش ودونالد رامسفيلد وروبرت غيتس والأميرال مولن والجنرال بيترايوس وكل من يرد على قائمة هرمية إصدار الأوامر السياسية العليا والقيادية العسكرية ، منذ العام 2003 ، إلى المحكمة الجنائية الدولية.