يعتبر السودان من الدول الغنية بالموارد الطبيعية الممثلة في العديد من المجالات، علماً بأن الاقتصاد السوداني لا يحتاج لعبقرية، فهذا البلد الذي تبلغ مساحته مليون ميل مربع يتمتع بثروات ضخمة وهائلة تقدر بملايين الدولارات حسب الإحصاء الذي أجرته مجلة نيويورك تايمز في الأسبوع الماضي على «اقتصاديات» ونمو الدول الأفريقية، ومن بينها السودان الذي شهد أسرع عملية نمو اقتصادي وأحرز تقدماً ملحوظاً على الدول الأفريقية بسرعة نموه الاقتصادي وانتعاشه، فتفوق حتى على الدول التي تقع في قارة أمريكا الجنوبية مثل فنزويلا وكولمبيا والمكسيك، علماً بأن التنوع المناخي والغطاء النباتي والمياه العذبة والمناطق السياحية والوديان الخصبة والسهول والمراعي الطبيعية التي جعلت من السودان قبلة سياحية ومصدراً مهماً لدخول العملات الصعبة، أقول هذا والبلد ينبغي ألا يكون فيه تدنٍ في مستوى معيشة الفرد، وألا يكون هناك وجود للعطالة أو ضيق فرص العمل بالنسبة للخريجين وغيرهم، كما أن عملية التضخم في الركود الاقتصادي هي ما تشجع المواطنين على الهجرة خارج الديار. ولكن ماذا نفعل مع «فطاحلة» السودان المثقفين والمتعلمين والرأسماليين مِنْ مَنْ يسمون النخبة من جميع ألوان الطيف السياسي من يساريين وماركسيين وأمة وعرب قوميين أفريقيين وأخوان الطوائف الإسلامية بأنواعها، سواء كانوا من الفئة العسكرية أو المدنية، جلهم قد حكموا هذا السودان وأخذوا ما أخذوا من خيرات واقتصاديات هذا البلد التي انتفخت منها أرصدتهم وشيدوا العديد من الفلل والمنازل الفخيمة وكانوا عالة حقيقة على تقدم الاقتصاد بالنسبة للدول وقلت العديد من عائدات الموارد الاقتصادية التي كانت تدخل خزينة الدولة، ولكن بمرور الأيام والشهور والسنوات قد أخذ السودان يسرع بخطوات ملحوظة في نموه الاقتصادي الذي تفوق على دول مستقرة سياسياً واقتصادياً أمثال المغرب والجزائر والجابون وحتى الجارة مصر قد أصبحنا نتفوق عليها في بعض القطاعات الاقتصادية والصناعية، ولكن كما قلنا إن للسودان أعداء كثر بالداخل والخارج هم من عرقلوا عملية التقدم التي شهدها السودان، وكان في السابق محرماً على الحكومات التي حكمت البلاد ألا تستخرج البترول وعدم تصدير الموارد ذات العملة الصعبة مثل الفسفور والذهب واليورانيوم، ولكن بفضل الله وتوفيقه قد أخذ السودان يخطو خطوات ملموسة في هذا المجال وأصبح من الدول التي يشار اليها بالبنان، ويكفي حكومة السودان أنها قد أحدثت نقلة اقتصادية كبرى فتحت العديد من فرص الاستثمار لرجال الأعمال وللأجانب حتى يستثمروا في البلاد وفي كافة القطاعات حتى تستفيد الدولة من زيادة الدخل القومي، وقد كان في السابق مع بداية عهود الحكومات الوطنية التي خلفت المستعمر، فقد تركت العديد من الموارد الاقتصادية ولكن بفعل الفساد والتحرش على المال العام هو ما خلف الدمار الذي انتهك الموارد التي كانت بمثابة «قلب ورئة» للدولة فسرقت ونهبت من غير حساب، ولكن كبار موظفي الدولة يتعاملون مع مال الدولة على أساس أنه مال من غير رقيب ومن غير حتى مراجعات قانونية شفيفة، كل تلك العوامل التي ذكرت هي ما عطلت اقتصاد السودان. إن الشعب المغلوب على أمره الذي دفع وما زال يدفع الضرائب الباهظة والعائدات التي تشكل حجر عثرة أمام المواطنين، علماً بأن المواطن يدفع ومجبور على الدفع والدولة لا تحرك ساكناً وحتى إن نقص اقتصادها أو نما، فالهم هو الحصول على حصة المواطن بأي طريقة، وكل الحكومات التي مرت على السودان تنتهج نفس النمط وبعكس الحكومة الأخيرة التي قد ظهرت عائدها من دمغاتها الجراحية في تشييد المستشفيات العسكرية التي بلغت أكثر من 40 مستشفى ومركزاً صحياً قدم ويقدم الخدمات الصحية للمواطن أينما كان وفي أي ولاية. ويكفي الحكومة فضلاً تشييد مدينة جياد الصناعية التي خرجت بالاقتصاد السوداني من مرحلة الفقر الى مقربة من خط وداع الفقر، ويكفيها أي حكومة السودان، ثورة الاتصالات التي عمت كافة أرجاء البلاد حتى أصبح السودان من الدول الأكثر تقدماً في مجال الاتصالات، ومن الشعوب الأكثر استخداماً للهاتف الجوال في أفريقيا والشرق الأوسط، ويعد السودان سادس دولة من الدول التي تستورد الهاتف الجوال من الشركات الكبرى والعالمية ليس ذلك فحسب، بل إن السودان من الدول التي أدخلت نظام التعامل مع البطاقات المصرفية في أفريقيا والعالم العربي، كل هذه الأسباب جعلت من السودان يخطو خطوات الى الأمام وبسرعة الصاروخ في الاستثمار والتجارة والصناعة والسياحة حتى أصبح السودان من الدول التي تتمتع ببيئة اقتصادية واستثمارية جذابة لكافة الشرائح وإن التقرير الذي أعده مركز «جاتون» في ولاية أوهايو الأمريكية على الدول الأكثر جذباً للسواح والأجانب، جاء ترتيب السودان التاسع عالمياً، أي بمعنى أنه لولا ظروف الحرب التي يعيشها والحصار الاقتصادي الذي فرض عليه منذ عقود، لأصبح السودان من الدول الغنية والأكثر مصدراً للمنتجات الصناعية الوطنية، ولولا جشع بعض تجارنا وأعدائنا الذين دمروا خيرات البلاد وحطموا مسيرة التقدم، ولكن الغريب في الأمر بالرغم من هذه الطفرات الاقتصادية في كافة النواحي ونموها لم تظهر هذه النعم على «عيش المواطن» وإنما ظهرت على فئة محسوبة، على الدولة أن تشدد الرقابة في المراجعات القانونية السنوية أكثر فأكثر لمحاربة الفساد وأشكاله حتى يتمتع المواطن بهذه النعمة التي حبانا بها الله سبحانه وتعالى وعندها نقول للجميع فزتم ورب الكعبة.