عندما بدأت في خربشة هذه الصرخة اللئيمة ، حول التغيير الذي طرأ في القنصلية العامة السودانية في جدة ، كانت تناوشني هواجس من ان يفسر افندية النضال الوطني الزائف مضمون كلامي ويجيرونه على هواهم ، لكن دعهم يفعلون فأنا رجل لا انتمي إلى أي حزب ولا جهة معينة ولا حتى منظمة جربانه في السودان ، عفوا يا جماعة الخير خلال مشوار اغترابي الذي لا اعرف متى ينتهي عشت في باريس لعدة سنوات ومن بعدها عملت في الدوحة لسنوات اطول وانتهى هذا المشوار في جده عروس البحر الأحمر وطوال سنوات غربتي كانت علاقتي متأزمة ويشوبها شيء من الحذر والشك في الممثليات السودانية في الخارج ، لدرجة ان تجديد وثائق سفري كانت تتم عبر اصدقاء علاقاتهم متجذرة مع القنصليات في البلدان التي عشت بها ، ولم يحدث وان حضرت أي فعالية في هذه الممثليات رغم تقديم دعوات ( خجولة ) إلى العبد لله ، لكن قبل عدة أشهر تلقيت دعوة من القنصلية للاحتفاء بزميلنا كمال ادريس احد كوادر صحيفة الشرق الاوسط في جدة بمناسبة سفره إلى لندن ، في تللك اللحظة بدأت تناوشني هواجس بين الحضور والغياب فكمال ادريس المحتفى به شخص اكن له التقدير وفي نفس الوقت فان علاقتي مع ناس القنصلية في جدة ليست على ما يرام اخيرا حفزني عمدة الصحافيين السودانيين في جدة عبد الله عباس عبد الرازق للحضور ، وكنت اتوقع ان أجد في الحفل وجوها دبلوماسية محنطة ورجالا تقرأ الشك والريبة في اعينهم ، لكن هذا السيناريو اختلف تماما حينما اكتشفت ان الدبلوماسية السودانية خلال السنوات الأخيرة تغيرت ولبست بدلة المواصفات العالمية ، في تلك الجلسة الاحتفائية بحضور نفر من زملائي في المهنة عبد الله عباس ومصطفى الضو والفاضل عباس وعثمان عبد الله وآخرين التقيت بوجوه دبلوماسية شابة منهم مصعب محمد ابراهيم ومرتضى حسن ابو عبيدة وبلال عبد الباقي والدكتور محمد صغيرون وغيرهم وكان جميعهم يتوقون للتواصل مع الإعلاميين العاملين في السعودية وعرض الوجه المشرق للوطن ، غير ان عراب التواصل مع الإعلاميين السودانيين والسعوديين في منطقة مكةالمكرمة هو نائب القنصل العام ياسر أحمد محمد نور ، هذا الرجل مهموم بقضايا الوطن ويسعى إلى تكريس اسم السودان في ذاكرة الآخر ، اذكر انه بعد تعيينه في القنصلية العامة في جدة زار مجموعة من الصحف السعودية والتقي المسؤولين بها وطواقم الصحافيين السودانيين في تلك المواقع وقد زارنا في صحيفة عكاظ وكانت هذه أول زيارة لمسؤول قنصلي إلى صحيفة سعودية منذ عشرين عاما أو تزيد وبعدها تكررت زيارات ياسر وارتبط بعلاقات وثيقة مع الوسط الإعلامي وتجلت ديناميكيته خلال الانتخابات حيث كان الرابط الاساسي في تفعيل سفر الصحافيين السعوديين المكلفين بتغطيات الانتخابات ، ورغم إنني كما ذكرت سلفا رجل بلا طعم ولا لون فقد وقفت مع الرجل لتسريع سفر كوادر عكاظ إلى الخرطوم ، أقول قولي هذا بحس وطني مجرد من الاهواء والانتماءات ، فصاحبكم العبد لله سوداني صميم ، ولكن لم اصوت لأي مرشح في انتخابات الرئاسة وبعد هذا كله لا تفهموني غلط .