لا زلت أتذكر أول مرة التقيت فيها بالراحل الكبير سيد احمد خليفة رحمه الله كان ذلك في مبني مؤسسة البلاد للطباعة والنشر التي كنت اعمل بها قبل انتقالي إلى مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر ، وقد جاء الراحل خليفة يومها لزيارة عدد من أصدقائه السعوديين المبهورين بشخصيته وما يتمتع به من كاريزما وسحر خاص ، ومنذ المرة الأولى التي التقيته شعرت إنني أمام ابن بلد اصيل ورجل اجتماعي من الطراز الاول وكرت سبحة السنوات والتقيته في مجلس عامر بمجموعة من الإعلاميين السودانيين والسعوديين وكان المحتفى به شيخ الصحافيين السودانين الراحل حسن مختار ، وقبل سفره النهائي إلى السودان زرته في منزله بجوار صحيفة المدينة عشقه الازلي نعم عشقه الازلي حيث كان يعمل قبل ان يختم حياته العملية في الغربة في صحيفة الشرق الاوسط ، كان (سيد خليفة ) كما يسمية أصدقاؤه السعوديون صحافيا من الطراز الاول وقبل دخول التقنية الحديثة في مجالات الصحافة كان الراحل خليفة يدهش اصدقاءه من الصحافيين الخليجيين حينما يكتب عموده بدون ان يقوم بتحبيره مرة أخرى ، واذكر ان صحيفة الشرق الاوسط كانت من أولى الصحف السعودية التي ادخلت إلى التقنية الحديثة ، وفي احد الايام التقاني خليفة وأكد لي ان الكتابة على شاشة الكمبيوتر تلهم الإنسان اكثر من الورق وظلت هذه المعلومة مترسخة في ذاكرتي حتى تأكد لي ان الكمبيوتر لا يخذل صاحبه ، وأذكر إنني هاتفته قبل عدة أشهر ليحدثني عن اهمية صحافة الخدمات في السودان ووجدت لديه المعلومة الاكيدة وكيف ان صحيفته الوطن تعتبر الرائدة في هذا المجال ، واعتقد ان الراحل الذي عمل مع الوان الطيف من صحافيين عرب واجانب طيلة سنوات اغترابه في السعودية جعلت منه عرابا لصحافة الخدمات في السودان ، وفي حياة سيد احمد خليفة الكثير من المآثر على زملائه الصحافيين في صحيفتي المدينة والشرق الاوسط فقد تعلم منه الكثيرون ،و كان الراحل خليفة رحمه الله مجاملا من الطراز الاول وود قبائل لا يشق له غبار ولا زال أصدقاؤه في جدة يتذكرون كيف انه حتى وان كان متوعكا أو مشغولا فانه كان لا يغيب عن المناسبات الاجتماعية ، بالامس هاتفني زميلنا وعمدة الصحافيين السودانيين في جدة صديقنا عبد الله عباس عبد الرازق وابلغني انه حاول الاتصال بمقر صحيفة الوطن من اجل معرفة معلومات عن ظروف وفاة الراحل لإعداد مادة عنه في صحيفة المدينة ولكن كان الهاتف يرن ولا احد من الطرف الآخر ، فابلغته ان يستقي المعلومات من الموقع الالكتروني للعروس ( آخر لحظه) ، بالامس ومساء جدة تكتنفه حرارة غير طبيعية عبرت بجوار البناية التي كان يقيم فيها الراحل خليفة فتصورته يترجل عن سيارته تجاه باب العمارة بوجهه السمح البشوش ، رحم الله سيد احمد خليفة وانزله منزل صدق مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا .