يبدو أن الانتخابات العامة بكل مستوياتها ستكون شغل الصحافة وأجهزة الإعلام في بلادنا لفترة طويلة، وكلما حاولنا أن نهرب منها إلى موضوع آخر نجد أن الطريق سيعيدنا إليها من جديد. ولا أحسب أن التعليق عليها سينتهي ما بين يوم وليلة، إذ أن الفائزين يعيشون نشوة النصر والفوز، بينما يعيش الذين خسروا في الانتخابات من خلال صناديق الاقتراع أو أولئك الذين خسروا بالانسحاب والمقاطعة، سيعيشون أزمة الصدمة والخسارة لفترة طويلة، بينما يظل المراقبون في الصحف وأجهزة الإعلام يحللون الموقف والظروف المحيطة بالعملية الانتخابية والنتائج وما يترتب عليها. أجد نفسي اليوم- لو سمح لي القارئ الكريم- في محاولة جديدة أو بالأصح قراءة جديدة لموقف المراقبين الأجانب الذين راقبوا الانتخابات السودانية، وهم حسب ما توافر لي من معلومات يمثلون ستاً وعشرين دولة ومنظمة ومؤسسة ومفوضية، منها دول شقيقة وصديقة وبعضها ضامن لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي، ودول أخرى مثل كندا والنرويج والسويد وسويسرا واليابان وهولندا ومصر وبريطانيا، إضافة للجامعة العربية والجمعية اللبنانية للانتخابات والمفوضية المركزية الروسية للانتخابات، ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمبادرة الأفريقية ومجلس الكنائس الأفريقية والإيقاد والاتحاد الأفريقي، والمؤتمر الدولي لمنظمة البحيرات العظمى، ومركز كارتر وغيرها، وبلغ عدد ممثلي هذه المنظمات ثمانمائة وأربعة وثلاثين مشاركاً، منهم (592) رجلاً و(242) امرأة.. هذا غير مجموعة من ممثلي أجهزة الإعلام الإقليمية والعالمية الذين تجاوز عددهم السبعمائة صحفي وإعلامي. الرقابة الدولية كانت مهمة ولازمة وضرورة حتى تمنح شهادة البراءة، ليس للمفوضية القومية للانتخابات بل للنظام الحاكم وللشعب السوداني، من تهم التزوير أو مصادرة الحريات أو عرقلة العملية الانتخابية بأي شكل من الأشكال وخلوها من العنف أو القهر، فشهادة المراقبين الدوليين من أصحاب العيون الزرقاء مهمة للعالم الذي انشغل بما يجري في بلادنا.. وقد أدلوا جميعهم بأصواتهم في صناديق الشهادة على الانتخابات السودانية، ولعل أبرز شهادات القبول الواسعة للعملية الانتخابية جاءت من مركز كارتر والاتحاد الأوربي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي وبقية المنظمات الغربية والأجنبية عموماً.. والوطنية. صدى الرقابة الدولية انعكس على الصحافة الأجنبية وقد أوردت صحيفة (آفتن بوستن) النرويجية، أن الشعب السوداني تقدم خطوة للأمام وأصبح شريكاً في بناء دولته، وذكرت صحيفة (كريستل قيت) الدنماركية أن السودان يمضي في الاتجاه الصحيح، وذلك ضمن مقال للكاتبة (أولا بولسن) كان عنوانه: (السودان.. البشير هو الفائز) استندت فيه على معلوماتها من السودان وعلى معلومات استقتها من زميلين لها يغطيان الانتخابات في الجنوب. الصحافة الأمريكية اهتمت كثيراً، بما يجري في السودان وجاء في صحيفة (إنترناشيونال هيرالد تريبيون) واسعة الانتشار، مقال بقلم «جيفري جيتلمان» تحت عنوان: (الازدهار في السودان) ضمنه ملاحظاته ومشاهداته، وذكر اسم قرية قال إنها تبعد ثلاث ساعات عن الخرطوم يبلغ عدد سكانها (800) نسمة وتقع على جانب طريق سفر سريع، أشار في ذلك المقال إلى أن المنازل منخفضة وطينية وأن الجو حار جداً لا يقوى أحد على تحمله إلاّ بعض الحيوانات الأليفة.. لكن داخل هذه المنازل تجد المعجزة، ففيها الكهرباء والماء ومراوح السقف ومكيفات الهواء وأجهزة ال(دي في دي).. وقال إن هذا يفسر حماس الناخبين لإعادة انتخاب البشير. إن رأى القارئ.. غداً نستعرض بعض أصداء ما حدث في بلادنا خلال الأيام التاريخية القليلة الماضية في صحافة العالم.. وما شاهده ونقله المراقبون أصحاب العيون الزرقاء.