المؤسسة العسكرية الحاكمة في(اسرائيل)لم تعرف ظاهرة الهروب من الخدمة كما هي اليوم، سواء للرجال أم للاناث، رغم سيل المغريات والحوافز التي تقدمها المؤسستان العسكرية والسياسية لهم للانخراط في صفوف تلك المؤسسة، وظاهرة التهرب هذه تتم، كما تقول(مؤسسة الموارد البشرية)في جيش الاحتلال الاسرائيلي ،عبر الاستغلال للطرق القانونية المتاحة، أو التهرب عن طريق السفر خارج الكيان الصهيوني ،باعتباره كيانا قائما على عسكرة المجتمع ،وهو في حالة حرب دائمة مع جيرانه العرب ،لكن في العقد الاخير أخذ اتجاه التهرب من الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال بالرفض العلني للخدمة العسكرية، وأصبحت الشبيبة في (اسرائيل) في طليعة هذه الفئة والأقل رغبة في الانخراط ضمن الوحدات القتالية، وهذه الحقيقة هي التي نشرها (مؤسسة الموارد البشرية) في جيش الكيان الصهيوني و وسائل الاعلام الاسرائيلية، اذ تبين أن 25 بالمئة من الشبان الاسرائيليين في سن الثامنة عشرة اتجهوا إلى الدراسة في المدارس الدينية اليهودية للتهرب من الخدمة في الجيش، في حين ارتفعت نسبة الذين يحاولون من الشباب اليهود التخلص من الخدمة العسكرية عن طريق الاعفاءات الطبية، وبلغت العام الماضي على سبيل المثال أربعة بالمئة، أما نسبة المجندين الراغبين في الانخراط ضمن الوحد ات القتالية في الجيش الاسرائيلي بعد حرب تموز يوليو 2006 مع حزب الله فقد انخفضت إلى 67.3 بالمئة ، وهي نسبة منخفضة عن مثلاتها في الاعوام التي سبقتها بحوالي 1.6 بالمئة، وجاء(لواء غولاني)، حسب تقارير اسرائيلية بهذا الشأن، في المرتبة الاولى في لائحة الوحدات القتالية، يليه(لواء ناحل)ثم(لواء جعفاتي)، وعلق على هذه الظاهرة كبار ضباط جيش الاحتلال، وأبرزهم الجنرال الاحتياط(جدعون شيفر)، الذي شغل في السابق منصب قائد(قسم القوى البشرية) وقال اذا لم تسارع الحكومة للاهتمام بهذه المشكلة فإنها ستكون كارثة، وستصل في الاعوام القادمة إلى وضع لايؤدي فيه سوى خمسون من الشباب الاسرائيلي الخدمة العسكرية الالزامية، في حين أكد الجنر ال(اليعازر شتيرين) قائد (قسم الموارد البشرية)حاليا في الجيش الاسرائيلي، أن الحكومة والكنسيت لايبذلان جهدا كافيا لوقف ظاهرة التهرب من الخدمة في الجيش، كما أن رئيس هيئة الاركان في جيش العدو الجنرال(غابي اشكازي) شجب هذه الظاهرة، التي وصفها بأنها عملية تنهش المجتمع والجيش معا، معربا عن أسفه لأن المتهربين من الخدمة الالزامية لايخجلون بقرارهم في عدم خدمة وطنهم. أما وزير الحرب الصهيوني الجنرال المخنث(أيهود باراك)فقال يجب العودة الى الايام التي كان فيها التهرب من الالتحاق بالجيش بمثابة وصمة عار على جبين المتهربين، ويجب اعادة فرض عقوبة السجن لهم كما كان عليه قبل العام 2001 وخطورة هذه الظاهرة في الكيان الصهيوني استأثرت ايضا باهتمام رئيس الكيان الثعلب (شمعون بيريز)، الذي دعا في تعقيبه على الموضوع إلى تغيير نظرة الشعب في (اسرائيل) إلى جيشهم، وأضاف اذا ما نمينا نظرة الاستخفاف وعدم الجدية ازاء جيشنا فإن ذلك سيمس بمكانتنا، ولهذا يجب علينا جميعا العمل من أجل العودة إلى فترة الاجماع التي كان عليها المجتمع الاسرائيلي عندما كان يقف خلف الجيش، ونوه بأن هناك حملات نقد حادة حاليا موجهة ضد الجيش في وقت تواجه فيه (اسرائيل) العديد من الاخطار الوجودية ،وأكد ( شمعون بيريز ) ( أنه يتعين علينا أن نعود إلى تنمية مشاعر العزة الوطنية المتمثلة بالانخراط بالخدمة العسكرية). ازدياد هذا الشعور في الوسط الاسرائيلي تنامى بشكل واضح بعد حرب تموز يوليو 2006 وفي وقت ازداد فيه أعداد اعفاء الطلبة الذين يدخلون المدارس الدينية للتهرب من الخدمة في الجيش، حيث تم هذا العام اعفاء أكثر من خمسين ألف من شباب (الحريديم)اليهود المتديين المشتددين ،في حين تم تأجيل حوالي عشرين ألف آخرين من أداء الخدمة في الجيش إلى خمسة أعوام قادمة. أعضاء الكنيست الاسرائيلي بدورهم انخرطوا في أتون هذه المسألة وطالب(ران كوهين)، عضو الكنيست من(كتلة ميريتس) بأن تكون هناك سياسة واضحة حيال طريقه وأسباب إعفاء الشباب الاسرائيلي من الخدمة العسكرية، وعلينا كما يقول:(يجب أن لانفرق بين أحد ونلقي كافة الاسباب أو المبررات التي يجري الالتفاف عليها للتهرب من الخدمة العسكرية) ، لان ذلك كما يقول ساهم في تفشي حالة التململ والتهرب الجماعي من الخدمة العسكرية، وأكد أن هذا التآكل في بنية جيش(اسرائيل) ينعكس على الفئات التي تتهرب من الخدمة أولا وهم المتدينون الاسرائيليون، كذلك الكثير من أعضاء الكنيست تنادوا إلى القول بإن (التهرب من الخدمة في الجيش يحولنا جميعاً إلى شظايا متفرقين).