كثر الحديث عن عدم مطابقة الانتخابات السودانية للمعايير الدولية بعد أن جاءت العبارة على ألسنة بعض المراقبين الدوليين ليتم تداولها بكثافة من قبل الذين قاطعوا الانتخابات أو الذين لم يتحقق لهم الفوز فيها.ونعلم أنه لا معايير دولية مكتوبة لاجراء أية إنتخابات، حتى في الغرب، إذ أن هناك قواعد تتم مراعاتها وتطبيقها خلال العملية الانتخابية تجري كلها في العلن وعلى مرأى ومسمع الكل بدءاً من التسجيل والدعاية الانتخابية وإجراء المناظرات وحشد العضوية إلى لحظة الوقوف عند أعتاب مراكز الاقتراع حيث تبدأ هناك المرحلة السرية الوحيدة، أي الاقتراع. ومن القواعد المعمول بها وتعتبر معياراً أصيلاً هو إنتظام العملية الانتخابية أي أن تتم وتجرى في توقيت محدد كل فترة تنص عليها القوانين المعمول بها، ومنها أيضاً حرية العمل السياسي والحزبي وحرية الرأي لطرح البرامج والترويج لها.. ومنها أن تكون كل المراحل السابقة للاقتراع علنية ومكشوفة بحيث لا تكون هناك سرية مطلقاً إلا عند لحظة الاقتراع.. ومن القواعد الجديدة في عالمنا المعاصر التمييز الايجابي للمرأة بتخصيص نسبة مقدرة لها داخل الأجهزة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية.. ولا نرى أن تجاوزاً قد تم في كل ذلك إذ إتيحت الفرصة لكل الاحزاب والمرشحين في تعبئة جماهيرهم ومؤيديهم لخوض الانتخابات وقد بلغ عدد الأحزاب المشاركة والمسجلة إثنين وسبعين حزباً.. وهذا ما لم يحدث في أعرق الديمقراطيات العالمية. وقبل يومين فقط انتقد عدد من المراقبين الدوليين الأحزاب التي قاطعت الانتخابات وانتقدوا بعثات المراقبة التي قالت بأنها لم ترتق إلى المعايير الدولية مؤكدين إن الالتزام بما يسمى بالمعايير الدولية في الغرب ليس كاملاً.. بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك عندما قالوا في ندوة المعايير الدولية للانتخابات التي أقيمت بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم بأن انتخابات السودان جرت في جو صحي مشيرين إلى أن للسودان خصوصية ولأفريقيا ايضاً وأن القارة السمراء ليست حقل تجارب لتطبيق قوانين الغرب متهمين من أسموهم ب (أعداء أفريقيا) بالسعي لخلق أزمات فيها. الآن لن يفيد البكاء على اللبن المسكوب وعلى الساعين إلى الحكم أن يعدّوا عدّتهم لذلك بالمساندة الشعبية والجماهيرية لأن الناخب المستقل هو الذي يوجه دفّة القيادة ويسلمها لمن يرى أنه الأصلح. والله ولي التوفيق