الماسورة هي أنبوب الحديد، الذي يحمل إلينا الماء، والحياة العصرية لا يمكن تصورها بدون هذه الماسورة!! في السابق كانت تزين جدران المنازل في العاصمة والمدن الكبرى بهذه الماسورة، والتي تظهر على الجدران كدليل حضارة ورقي وعلامة بأن ساكني هذا المنزل عندهم ماسورة ومرتاحين شوية!! أي أن وجود الماسورة يعني الانتماء إلى «طبقة منقنقة» ومرتاحة بفتح النون الأولى وكسر النون الثانية!! ولم يذهب المدلول الشعبي بعيداً في إيجاد أي تفسير آخر غير هذا المعنى الأولى والبسيط، وهو الدعة والارتياح، وحتى عندما تلح المرأة على زوجها في الطلبات فإنه يبادرها سريعاً بالقول: ياولية، إنت قايلة عندي ماسورة. ü ولكن مع اللغة الجديدة في الشارع، والتي يسمونها الراندوك، أخذت الكلمة مدلولاً ومعنى آخر، فإطلاق اسم ماسورة يعني أن الموصوف «لا شيء» وفارغ، وما عندو موضوع!!. تسأل أحدهم: مشيت للراجل؟ فيجيبك: ما في فائدة، الزول طلع ماسورة!! والكلمة مع خفة «حروفها» وما تحمله من جرس «وموسيقى» فإنها تضفي على الحوار الشعبي اليومي نوعاً من اللطافة والظرافة، وهذه، يحتاجها المجتمع السوداني الذي يواجه بكثير من ضغوطات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا الطقس الحار، والهائج، الذي يجعل كل الأشياء من حولك ماسورة. ü فالآن الانتخابات مرت بسلام، وأثبتت أن الإعلام الخارجي «ماسورة» لأنه راهن على حدوث أعمال عنف في السودان، ولكن المؤتمر الوطني ينظر للمعارضة، بأنها طلعت ماسورة في هذه الانتخابات، لأنها لم تحصد شيئاً، وفي ذات الوقت فان المعارضة تنظر للانتخابات بأنها عبارة عن ماسورة كبيرة!! ولكن الموقف الغريب جاء من المبعوث الأمريكي، غرايشن، فهو في الخرطوم أشاد بهذه الانتخابات، وبمجرد وصوله واشنطن قال لحضور ندوته: الانتخابات مزورة وماسورة!! ولكن الماسورة المحيرة هذه الأيام ما يحدث في الفاشر، وتحديداً سوق المواسير، فالأخبار تقول: إن آلاف المواطنين خرجوا محتجين على ما أسموه بخسارة أموال طائلة في معاملات تجارية، اشتهر بها هذا السوق، وأفتى الوالي بحرمة أمواله باعتبارها ربا، وتقدر المديونيات على حسب رواية زميلنا إسماعيل حسابو في جريدة الصحافة 350 مليون جنيه. وحمى الله شعبنا الباسل من شر كل ماسورة، وربنا يسترنا من الماسورة الكبيرة. ويا بنك السودان «الشيك» هو الماسورة الوحيدة لاقتصاد السودان فالقصة محتاجة لسباك من نوع خاص لهذه الماسورة