بشارة للعشاق .. عشاق السمك، وهي أن أسعار معشوقهم معقولة، وأن الوصل متاح هذه الأيام .. لمن يغالبه الشوق والهيام ! كنت أظن أن الجميع مفتونون بالسمك مثلي .. فلطالما دبجت المقالات في هذا الجانب، وكنت ألحظ في كل مرة اهتماما كبيرا من القراء بالمسألة السمكية، حتى دخل في يقيني أن الكل يقاسمونني المشاعر، وأن ما من أحد إلا ويكن صادق مشاعر الحب والتقدير للسمك العزيز . لكن مفاجأة كبيرة كانت في انتظاري لاحقا، حين اكتشفت أن أحد أقاربي، يهرب من السمك هروب النعام، ولا يطيق الجلوس في مائدة تحوي صنفا منه !! صاحبنا أصيب فيما يبدو بصدمة سمكية، فقد علمت أنه عمل حينا من الدهر في مجال صيد السمك وتسويقه، وكان آنذاك من الشغوفين بالأسماك، وهذا ما حدا به لالتهام الأسماك ثلاث مرات في اليوم، دون أن يكل له ساعد، ودون أن تلين له قناة! وحدثت النتيجة العجيبة، وانقلب الحب عداء مستحكما، وبدلا من أن يعمر العشق ويزدهر، تبخر الهيام وخرج هاربا من أضيق الشبابيك وأوسعها ! ولقد سمعت أيضا عن حالات مشابهة بين الجزارين وأبنائهم، وعلمت أن نسبة منهم تتعامل مع اللحوم تقطيعا وتسويقا، لكنها لا تقربه أكلا أبدا أبدا !! وللحق، فشغفي بالسمك ليس شيكا على (بياض) ! فالمسألة مقرونة بالأسعار ، فإن كانت أسعاره زهيدة وتناسب ميزانيتي، مارست الغزل السمكي بأعلى درجاته، وفضحت أشواقي جهارا نهارا، أما إذا مارست الأسعار جنونها، وتدللت الأسماك واستعصت مطلبا، فحينها أشرع أسلحة المكابرة، وأرضى حازما عازما بالصد والجفاء، عملا باجتهادية أن النأي يشفي من الوجد !! بالأمس، وفي صبيحة الجمعة، كنت في سوق السمك بالموردة .. يوم استثنائي يتقاطر فيه الكثيرون من الشغوفين بالسمك . بائعون وعارضون وسمسارون ومشترون يعمرون المكان، وعمال متخصصون في نظافة السمك ينتظرون القادمين من البوابة، حيث يساعدون من يأتي بسيارة على احتلال موقعه اللائق بين السيارات، ويأخذون مكافأتهم على شكل استصحابهم لتنظيف السمك بعد الشراء. البيع هناك يتأرجح بين التنظيم والعشوائية، فهو يمتد من المسطبات المخصصة .. حتى ممرات السير للمشاة والمشترين، وكذا عمليات التنظيف، المتمددة من الأماكن المخصصة، لأماكن أخرى ، تزاحم المشاة، وتخنق مكان التسوق. لا أنسى البشارة، وهي أن سعر الكيلو للبلطي، سبعة جنيهات، وسعر البياض للكيلو تسعة جنيهات. وإذا كان الطموح يمتد لأسعار أقل، فالمقارنة مع سعر كيلو الضأن، بجنيهاته البالغة تسعة عشر جنيها، تجعل القلب يستبشر بالعرض السمكي. اسمعوني، عليكم بالسمك .. قبل أن يطير !