اليوم يعتلي المشير البشير المنصة الرئاسية؛ ليؤدي اليمين الدستورية كأول رئيس سوداني يتقلّد السلطة، عبر صناديق الاقتراع، وبناءً على رغبة غالبية مواطني السودان.. يجيء البشير رئيساً باقتناع كل القوى السياسية وعلى رأسها حزب المؤتمر الوطنيّ، بأنه الرجل الأصلح والقويّ الأمين لقيادة البلاد لفترة قادمة، يجيء تنصيب الرئيس البشير، بالرغم من المؤامرات والتحدّيات الجسام، التي شهدها السودان طوال عمر الإنقاذ.. هذه المرة يأتي البشير رئيساً للجمهورية .. ليس عبر فوهة البندقيّة، أو ممتطياً ظهر دبابة، ولكن عبر رغبة أكيدة من جماهير السودان، بأنه رجل السودان الأول الذي يستحق أن يكون رئيساً للبلاد. الرئيس البشير، وبعيداً عن كل المسميات والألقاب، يتمتع بخصائص وسمات رجل الدولة، والقيادي الذي يحمل هموم الجماهير.. والسوداني الأصيل الذي إذا دقت طبول الحرب، كان على استعداد تامّ أن يقدم روحه فداء لشعبه، وأرضه، ووطنه الكبير المترامي الأطراف.. إذاً، بعد كل ذلك، أليس هو الأجدر بقيادة البلاد، بطولها وعرضها، مهما تعالت أصوات الأعادي من معارضة داخلية، وأخرى خارجية، فيظل البشير رمزاً سيادياً للسودان، والرقم الصعب بالنسبة لأعدائه في الساحة السياسية، الداخلية والإقليمية والعالمية. اليوم سيؤدي البشير اليمين الدستورية؛ لينطلق بعد ذلك، لحكم البلاد في ظل حكومة منتخبة برلمانياً، وعضوية اختارها الشعب بكل اختلاف ألوانه السياسية.. هذه المرة يجيء البرلمان بالانتخابات، وليس بالتعيين، وهذا في علم السياسية له مفاهيم أخرى.. فالعضو البرلماني الحالي يتمتع بكافة الصلاحية والحرية للانتقاد، وإبداء الرأي، وإبراز مواقع الفساد السياسي والإداري، دون خوف أو تردد.. عضوية برلمانية تملؤها الثقة والجرأة، تعكس نبضات رجل الشارع، وما يدور على المشهد السياسي.. هكذا دولة الحرية، وإبداء الرأي علناً لتجسّد مفاهيم التحوّل الديمقراطيّ، والتداول السلمي للسلطة. اليوم المشير البشير يلبس حلة جديدة، والأنظار تتطلع نحوه، بأنه لن ينسى مواطنيه الذين انتخبوه، لشخصيته الكاريزماتية، ووطنيته المتدفقة، ونزاهته، وطهارة لسانه ويده.. البشير اليوم بعد حلفه اليمين الدستورية كرئيس شرعي ومنتخب للبلاد، عليه أيضاً تقع مسؤوليات جسام، تبدأ أولاً بنوعية كوادره المساعدة، وحقيبته الوزارية، المنوط بها إدارة الجهاز التنفيذي للبلاد، ومسألة التشكيلة الوزارية هي ما يشغل تفكير الشارع السياسي، وجموع الجماهير اليوم التي أولت ثقتها المطلقة للرئيس البشير. والحقيقة تقول : إن طيلة فترة الإنقاذ السابقة، وحتى الآن، لم نشهد تغييراً ملحوظاً في الوجوه الوزارية، أو تلك القيادات التي تتقلد مسؤوليات المواقع التنفيذية في البلاد، وخلت بعض المواقع المهمّة من الاستفادة بمجموعة التكنوقراط من ذوي الخبرة والكفاءة، لإدارة مواقع ذات طبيعة تسمى من قبل خبراء الإدارة (مواقع ذات طبيعة مهنية) مثلاً وزارات الزراعة- البيطرة- الصحة- الشؤون الهندسية- الطرق والكباري- التربية والتعليم- العدل.. هذه النماذج تحتاج إلى قيادات متخصصة في المجال ذاته.. لإحداث التغيير وتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية. عموماً نقول.. : نطالب الرئيس البشير أن يختار وزارته وكبار المسؤولين ممن توفر فيهم الكفاءة، ونكران الذات.. قيادات تجري في عروقهم الدماء الوطنية الخالصة.. يعملون من أجل السودان والمصالح العليا للبلاد، بعيداً عن النظرة الجهويّة والقبليّة، وليس لأية طموحات شخصية، نريد أن نرى جهازاً تنفيذياً قوياً يحقق الإصلاح السياسيّ لتحقيق الاستقرار السياسيّ والأمن والسلام.. مرة أخرى نناشد الرئيس البشير، أن يأتي بحكومة قوية قوامها أشخاص وقيادات من ذوي الكفاءة العالية، والخبرات، والقدرات الحقيقية، والتخصصات النادرة.. لتجعل المرحلة القادمة مرحلة مؤثرة وتكون عملية التغيير فيها واضحة وملموسة.. مرحلة ترضي طموحات الناخب السوداني، الذي أعطى صوته من أجل تحقيق رغباته، المتمثّلة في العيش الكريم.. علماً بأن الحقيقة الثابتة، والمفهوم الراسخ لدى الجماهير، أنّ الرئيس البشير سيتفهم ما يدور في خلد ناخبيه.