مكان الفرد تتقدم.. قيادتنا الجماعية.. مكان السجن مستشفى.. مكان المنفى كلية مكان الأسرى.. وردية مكان الحسرة.. أغنية مكان الطلقة عصفورة.. تحلق حول نافورة تمازج شفع الروضة.. صديقي الغالي جداً.. جعفر سليمان.. أشواقي لك لم تفتر.. لمجالسك العامرة.. لأنسك الرائع.. لحروفك الفاتنة.. الوقورة المحتشمة.. التي أحملها كالحب.. كالحب.. أبداً.. ودوماً.. إلا اليوم.. فقد أتيت صديقي شيئاً فرياً.. حزنت حد البكاء.. فقط لأنك جعفر.. ولأنك.. من يرشون ماء الورد وعصير الند.. ورحيق الصندل.. على صفحات.. الرياضة.. في هذا الوطن الجميل.. حزنت حد البكاء.. وأنت تكتب.. من قلب.. الجامعة الأهلية.. منارة الإشعاع.. وبؤرة الضوء.. وصانعة المستقبل.. وواهبة الأمل.. والمراهنة أبداً على غد تأتلق فيه الجنة أنهاراً وظلاً.. كيف تكتب.. بل كيف تغلق نوافذ الأمل.. أمام.. طلابك.. وأنت والرضية آدم.. من غرسا فيهم.. إرادة.. الشعوب.. وكيف أنها.. من يصنع الحياة.. بل يدير كل دولاب الحياة.. ولا أحد سوى الشعب.. أظنك لا زلت مندهشاً.. بل لعلك تتساءل في فزع.. وكأنك «الجابري» وهو يبكي.. «مظلوم.. إيه ذنبي الجنيتو»؟.. وأظنك أيضاً تتساءل في رعب.. ولماذا.. تلك المقدمة.. مقدمة خطابي لك.. وأنا أضع.. إكليلاً.. من الجسارة والجمال والإبهار.. من كلمات الشريف.. محجوب شريف.. على رأس خطابي لك.. والآن صديقي.. اهدأ.. كما عهدتك أبداً.. لأُسمعك.. حكوتي.. وشكري.. ودعني أبدأ.. بكلماتك المنشورة الأمس على صفحات آخر لحظة.. ودعني أنقل- أهمها- بالحرف. كتبت تقول «ما يحدث الآن بالهلال محزن.. ويستدعي التفكير ملياً حول مستقبل نادي الهلال.. وتبعاً لذلك التفكير أيضاً في مستقبل نادي المريخ.. اذا ما قرر الأخ جمال الوالي الانصراف لشأنه.. هذارد قاطع على كل من يقول «إن حواء الهلال ولود».. وكذا الحال بالنسبة للمريخ.. وتأكد أن الوقت الراهن لن يكون لغير رجلين فقط، هما الوالي وأخوه صلاح إدريس».. انتهى.. وهذا صديقي.. ما أفزعني.. وأوجعني.. بل انتاش فؤادي.. برماح.. لن يبرأ جرحها.. وأقول لك.. كيف.. أولاً.. دعني.. أحني هامتي.. وأثني قامتي.. أخلع نعلي.. وأمشي.. خاضعاً شاكراً.. لاهجاً.. بالثناء الذي هو بلا رياء.. على الرجلين.. الوالي وصلاح.. أشيد بهما حد الدعاء والثناء.. مقدراً.. تلك السحب.. الماطرة.. من الأموال.. والأعمال.. والإخلاص.. والجود.. وهي تغرق.. الناديين.. من ندى أيديهما.. الندية.. الكريمة.. أقدر حد الإعجاب.. صرفهما ومن أموالهما.. وبلا مقابل.. للناديين الكبيرين.. ولا أجد ما يليق بهما من شكر وعرفان وامتنان.. حتى كلمات.. البحتري وهو ينشد شاكراً المتوكل.. وهو يقول.. أخجلتني بندى يديك.. فسودت ما بيننا تلك اليد البيضاء. صديقي.. إن الذي ينكر.. أو يتجاهل.. أو يبخس.. أو يشكك.. دعم الوالي للمريخ.. ودعم صلاح للهلال.. يكون أولاً كاذباً.. وثانياً ناكراً وثالثاً جاحداً.. و«الى حد هنا كفاية».. فقد أوفيت الرجلين.. حقهما من الاعتراف والعرفان.. ولكن.. وليس الأمر أمر رياضة.. أو كرة قدم.. أن قلبي.. وروحي وعيوني.. تذهب.. الى كل نشاط يدب على وجه الأرض.. على كل خفقة تنبض في هذا الكون.. في السياسة.. في الرياضة.. في الثقافة.. في الاجتماع.. في العلوم.. لأقول.. إن الشعب.. بل الجماهير.. هي من يصنع التاريخ.. ونعم إن حواء الهلال ولود.. وإن رحم المريخ حتماً ينجب غير الوالي.. بمثل ما أنجب الوالي.. وإن الانتصار والنجاح.. والتقدم.. هو عندما نهتف مكان الفرد تتقدم قيادتنا الجماعية.. وكم كنت أحزن.. عندما.. كان يقول.. الخائفون من المستقبل.. «عبود» بطال ولكن من هو البديل.. ثم كان البديل.. أكتوبر التي انحدر من رحمها آالاف البدلاء.. ثم قال الناس.. سئمنا نميري ولكن من هو البديل.. وانفجرت بطن السودان وانجبت آلاف البدلاء.. وحتماً يأتي يوم.. وعندما يذهب البشير.. يكون هناك ألف بديل وبديل.. صديقي.. لا تراهن إلا على القيادة الجماعية.. إلا على الشعوب.. وإلا.. لانت واندثرت فرنسا بعد ديجول.. وإلا تيبست عروق فيتنام بعد هوشي منه.. وداعاً صديقي.. ولا تراهن على.. الفرد.. مهما.. كان فارعاً.. وفاهماً وكريماً.. ونبيلاً.