الآن نحط رحالنا في هذا المكان!! وجئنا ب «خارج الصورة» الى هذا الوادي الذي نحسبه ذا زرع ويطيب لنا فيه المقام ونحن نرحل من وادي ( الرأي )بالصفحات الداخلية في رحلة الشتاء والصيف التي نقوم بها بين الحين والآخر، «للأعمدة» و«الزوايا» في هذه الصحيفة التي تتميز بان تصميمها يقوم على متوالية هندسية دقيقة نستجيب للتغيير و(للإبدال) و(للنقلات) المهمة والضرورية من الحين للآخر!! وأغلب هذه النقلات إن لم نقل جلها، وراءها مصطفى أبو العزائم والذي لا أعرف كيف تهبط عليه الفكرة فجأة ثم يحيلها في لحظة من الزمان إلى وقع وحرف مكتوب بلون الدهشة والإبهار، يمشي بين الناس علي هذه الصفحات المسكوبة بعرق «العافية» وطعم «الحبر» ومذاق ورق الجورنال، وهذا (الرهق) النبيل..!! هذا العمود في هذا المكان بناء على رغبة «مصطفى» ولا أقول رئيس التحرير!.. أو قل هي تجمع بين «الرغبة» والأمنية والقرار... وهأنذا أفعل!!.. ليست هذه المرة الأولى التي يطلب مني ذلك!!.. هو دائماً تتملكه قوة «خفية» على التغيير السريع وربما المفاجيء والمربك لبعض الحسابات أحياناً والذي ربما يسمح بدخول بعض ذرات التوجس ولكنه ويا للعجب يأتي دائماً هذا التغيير للأحسن وينطوي على نتائج مدهشة.. وهذه أيضاً ميزة إضافية لمن يسكنه الإبداع!! في فترة ما طلب مني الذهاب للأخيرة أو لما نسميها أولى «2».. ولكنني رفضت وكرر الطلب.. ثم عرض علي الانتقال للصفحة الثالثة «ولكنني لاوزت» هذه المرة .. قلت له أنا لا أحب الانتقال وبسهولة!! قال لي جرب!! وهأنذا أفعل!! ونتمنى أن يطيب لنا المقام.. والعرب تقول الرحيل عز العرب.. ومع ذلك يحتشد الشعر العربي قديمه وحديثه بالرحيل والنسيب والوقوف على الأطلال وهل هناك أبلغ من أمرؤ القيس وهو يقول: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلü بسقط اللوى بين الدخول فحومل وهل هناك أبكى من زهير بن أبي سلمى وهو يقول: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ü بحومانة الدراج فالمتثلم الى أن يقول: وقفت بها من بعد عشرين حجة ü فلا يا عرفت الدار بعد توهم!! وقول لبيد: عفت الديار محلها فمقامها ü بمنى تأبد قولها فرجامها إذن هو البكاء على الأطلال والتحسر على الرحيل.. ولكنهم أيضاً من قالوا الرحيل عز العرب..! الآن نحط رحالنا في هذا الوادي بعد أن حللنا من قبل في وادي «الرأي».. وهو وادٍ لنا فيه مواقف وذكريات.. وهي مساحة برأيي تحفل بأقلام وأقوام كرام.. وأهلاً بالأسفار والرحيل طالما في بادية (آخر لحظة).. وهي بادية مترعة بالخير والجمال والصفاء والاعتدال.. وكأنها البادية التي قال فيها شاعر البطانة «البنا»: رعى الرحمن أهلك ما أقاموا ü وما رحلوا وحياك الغمام ولا زالت عهود المزن تهمي ü عليك وصوبها هطل سجام تناثرت الظباء على ثراها ü وراتعها مع الإنس السوام إلى أن يقول : رفاق الضيف أنى حل هبوا ü لهم للضيف ضم وإلتزام إذا نحروا العشار مودعات ü فلا من بذاك ولا كلام رفاق الضيف أنّى حلّ هبواü لهم للضيف ضم والتزام