*لن تهدأ خواطري بالقبض على الهاربين من سجن كوبر فذاك أمرٌ بإذن الله مقدورٌ عليه مهما طال الزمن أو قصر .. كما إنني لا أحمل أية مشاعر معادية أو سالبة تجاه أولئك الشباب فأمريكا بطغيانها وجبروتها واستهانتها بأرواح المسلمين هي من يدفع بالشباب نحو التطرف وأخذ القانون باليد .. ومالم تُحل قضية فلسطين حلاً عادلاً .. وما لم تخرج أمريكا من العراق .. وأفغانستان .. وترفع يدها عن التدخل في السودان وإيران فإن العنف لا يولد إلا عنفاً .. والتطرف لا يؤدي إلا لمزيد من التطرف . وترتكز أفكار التكفيريين على رفع الظلم عن المسلمين وقتال الكفار نتفق أو نختلف معهم .. لكن رفضنا لوسائلهم التي تستبيح دماء الأبرياء والتي لا يمكن القبول بها ليس محل نقاش .. ومهما يكن من أمر فإن الهروب الكبير يقع وزره على عاتق إدارة السجون تحديداً .. ولم يبارحني الشعور بالإهانة منذ أن سمعت بهذا الخبر المخزي القبيح وكتبت ما كتبت وناقشت من ناقشت ورأيت فيما يرى النائم .. أن مدير الإدارة العامة للسجون وهو رجل مؤهل ومقتدر ويحمل رتبة رفيعة قد أخذ قلماً وورقاً وكتب ما يلي: *السيّد المدير العام لقوات الشرطة .. بعد السلام عليكم ورحمة الله.. بعدما أفنيت زهرة شبابي في خدمة قوات الشرطة منذ تخرجي وحتى اليوم الذي أقف فيه على قمة الإدارة العامة للسجون .. أجد نفسي وبحكم المسئولية الأدبية والأخلاقية والمهنية عن كل ما يقع تحت إدارتي العامة من إهمال أو تقصير أو تواطؤ أو تدبير .. مهما كانت مبرراته ودوافعه .. فإن الواجب يحتم عليِّ تحمُّل المسئولية كاملة عن ما حدث .. وما أبرئ نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي.. وهأنذا أعلن أمامكم عن استنكاري ورفضي التام لكل ما حدث وأتقدم بطلبي هذا لإعفائي من منصبي وإحالتي على التقاعد بالمعاش مع استعدادي الكامل للمثول أمام أي لجنة تحقيق أو محكمة شرطة أو محكمة جنائية متى ما كان ذلك يخدم العدالة وسيادة حكم القانون. وسأظل جندياً مخلصاً خدمة للشرطة مادامت الشرطة في خدمة الشعب.. وأرجو أن اتبع استقالتي ببعض التوصيات التي أرجو أن تجد عندكم القبول: 1- إحالة جميع الضباط العاملين في السجن الاتّحادي كوبر على المعاش حتى أصغر رتبة لأن القاعدة العسكرية تقول الشر يعم والخير يخص واتقوا فتنة لاتُصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة.. 2- رفت جميع ضباط الصف العاملين في السجن الاتحادي كوبر من رتبة العريف فما فوق عقوبة جماعية لأن مسئولياتهم في تنفيذ لوائح السجن تأتي بعد الضباط مباشرة. 3 - نقل جميع الأفراد من الجنود والوكلاء العاملين في السجن الاتحادي كوبرإلى مواقع أخرى بعد إعادة تأهيليهم وتدريبهم. 4- تقديم كل من يثبت تورطه في قضية الهاربين إلى محاكم ناجزة مهما كانت رتبته أو موقعه حسب ما تتوصل إليه لجان التحقيق وخلاصة البيِّنات. 5- مراجعة شاملة لكل السجون بالبلاد من حيث اكتمال القوة والتدريب والتسليح ومعينات العمل الأخرى.. وتفعيل اللوائح الداخلية والأوامر المستديمة. 6- إعادة النظر في النظم المعمول بها في السجون خاصة بعد تكاثر المنتظرين في قضايا الحق الخاص وجرائم الأموال والذين باتوا يشغلون حيزاً كبيراً في السجون وجانباً مقدراً من اهتمام العاملين في قوات السجون. 7-إعادة العمل في كلية ضبّاط السجون التي كانت من أرفع الكليات مكانة في محيطنا الإقليمي وتخرًّج فيها كثيرٌ من القادة اليوم من أبناء الدول العربية والإفريقية في هذا التخصص الدقيق. 8-أرجو أن تكون الدروس المستفادة من حادثة الهروب الأخيرة فرصة لتصويب المسار وتلافي الثغرات وتصحيح الأخطاء. *والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولاقوة إلا بالله. * ثم انتبهت من غفوتي وتذكرت أنني في بلاد لم يجد أدب الاستقالة إليها سبيلاً..وأن أخي مدير الإدارة العامة للسجون حزين ومُحبط وغاضب لما حدث وسيبذل أقصى جهده في معاقبة المتسببين ولكنه لن يفكر في الاستقالة ولا في العقوبات الجماعية .. مع أن التعلمجية في الكليات العسكرية يمارسونها بشكل راتب الشر يعم.وكل الضباط صغيرهم وكبيرهم قد تعرًّض في حياته لهذا المبدأ وامتثل للعقوبة العقوبة الجماعية بدون ذنب جناه عن رضى .. فلماذا الآن لا يقبلون بها؟!.. لماذ يبقى الضابط وقد بلغ رتبة اللواء ولم يترق للرتبة الأعلى في الخدمة ست سنوات وسبع وثمان سنوات فلا هو يتقدّم ولا هو يخلي الطريق لمن هم بعده في محطة قف. *كان عمنا يعمل في شرطة السكة حديد بالقضارف وقد ترًّقى بعد سل روح إلى رتبة شاويش رقيب فسألته امرأة كبيرة ياولدي الأمباشي (عريف) القطر بيجي متين ؟ وكررت كلمة أمباشي عدة مرات..فما كان من عمنا إلا أن خلع كبوت الشتاء وضرب على علامة الرتبة فوق ذراعه وقال لها غاضباً ياولية عايني ديل علامات أمباشي؟.. ربنا يرفع وإنتي تدلِّي! وهذا هو المفروض