بعد أن كتم الشارع السياسي أنفاسه لمدة ليست بالقصيرة، تنفست مساء أمس الأول كافة قطاعات الرأي العام الصعداء ببزوغ القرارين الدستوريين القاضيين بتعيين وزراء ووزراء دولة بمجلس الوزراء القومي، وجاء التشكيل الوزاري ليضم 77 وزيراً ووزراء دولة، منهم وزراء قدامى وقيادات شابة جديدة، وقد روعي في التشكيلة الحالية اختيار دماء حارة، يتقلدون مناصب وزارية وسيادية لأول مرة.. وأهم ملامح هذا التشكيل أنه جاء لدفع تيار الوحدة وجعلها خياراً جاذباً، حيث ضم تسعة وزراء مركزيين وعشرة وزراء دولة من قيادات الجنوب، تقلدوا وزارات مهمة كالبترول ومجلس الوزراء، النقل، الاستثمار، والبيئة، والعمل والتجارة الخارجية، والشؤون الإنسانية، وهذه وزارات مفصلية يعول عليها أن تلعب دوراً متعاظماً، لتنفيذ برنامج الدورة البرلمانية المنتخبة بجانب 10 وزراء دولة بوزارات مختلفة. ضمت الوزارة الجديدة وزراء من دارفور، وكل ولايات السودان المختلفة، لتعكس صورة الوحدة الوطنية في اسمى معانيها، وأتت أيضاً الوزارة المركزية لتتناغم مع وزارة حكومة الجنوب المرتقبة، للتنسيق سوياً لاستكمال إجراءات الاستفتاء، والمشاركة في حلحلة كافة المشاكل التي تواجه الجنوب في بعض المناطق، ولتبشر أيضاً بالوحدة وثقافة السلام، والوصول إلى صيغة مرضية في القضايا المثارة حالياً مثل المواطنة، الحدود، الأمن، القوات المشتركة، والقوات الدولية، والديون الخارجية، والنفط، وإقامة مشاريع البنية التحتية، وأهمها إنشاء شبكة طرق تربط شمال القطر بجنوبه، ومناطق الانتاج والاستهلاك. تصريح د. رياك مشار بعد أدائه القسم نائباً لرئيس حكومة الجنوب، جاء متسقاً لرؤية القيادات السياسية في المؤتمر الوطني، الذين يرون أن خيار الوحدة وعدم الانقسام ونبذ فكرة انفصال الجنوب هو الخيار الأفضل، وتضمن تصريح د. ريك مشار أيضاً أن الحركة ستشارك في حكومات الولايات الشمالية، والوطني في حكومة الجنوب، وللتصريح دلالات إيجابية وواضحة بأن المؤشرات التي ساقها الرجل تقود إلى الوحدة أكثر من اتجاهات البعض من القيادات الجنوبية للجنوح نحو الانفصال، وتمزيق الوطن. وحسب تصريح د. مشار فإن توفير الخدمات وإحداث التنمية في الجنوب، لا يمكن أن يتم إلا بالتصدي لكافة التحديات والمشاكل، التي تعرقل سير عجلة التنمية والتقدم في الجنوب وعلى رأسها السلام. عموماً.. بإعلان الوزارة الجديدة، وباداء القسم الدستورية للوزراء الجدد اليوم بالقصر الجمهوري، ستنطلق صافرة بداية العمل الجاد للقيادات التي نالت الثقة.. فقدامى المحاربين من الوزراء الذين سيواصلون العمل بوزارتهم، وبعضهم الذين انتقلوا إلى وزارات أخرى، بلا شك سيضاعفون الجهد حسب متطلبات المرحلة، ولعل خبرتهم وصمودهم في المرحلة السابقة سيكون أيضاً عوناً وسنداً للوجوه والدماء الحارة، التي نالت الثقة الوزارية لحثهم لبذل المزيد من العطاء، وتطوير الأداء في المواقع التي تقلدوها.. وعلينا جميعاً أن نستدرك حقيقة واحدة، بأن الصعوبات والتحديات والمهددات التي تواجه السودان ليست موجهة ضد النظام الحاكم، بل هي موجهة ضد السودان أرضاً وشعباً، لذا فليشمر الجميع عن سواعدهم لمساندة الوزارة الجديدة، لتنطلق لارساء السلام والاستقرار، لدفع عجلة التنمية من أجل سودان يرفرف عليه علم السلام.