تحدثت في الأسبوع الماضي وفي هذه الزاوية عن بداية السكة الحديد ودورها في ربط أطراف السودان مع بعضها البعض ودورها في تنمية الكثير من المدن والقرى.. وكنت قد أشرت إلى التدهور المريع الذي أصاب هذه المؤسسة العملاقة والذي كانت بدايته في آواخر العهد المايوي.. ويتمثل هذ التدهور في تأخر المرتبات وتراكم مديونيات السكة حديد.. ومن المعروف أن نقابة السكة حديد كانت سيفاً مسلولاً في وجه الإدارة وكانت تأخذ للعاملين حقوقهم حتى في أيام المستعمر، ولكن.. اليوم سحب البساط من تحت قدميها حيث أصبحت نقابة بلا أهداف ولا إمكانات.. قديماً كان كل من يعمل في السكة الحديد نقابياً وثورياً وكانت تجري في دمائهم الحارة معاني الوطنية والإخلاص والتفاني. والطامة الكبرى جاءت الآن تلبس ثوب الاستثمار وتتبختر به أمام أعين الإدارة والعاملين في السكة الحديد تحت مسميات مختلفة: وغيرها.. وغيرها، فأعمت أبصارهم وقلوبهم بالإغراءات التي جعلتهم يأملون في عائدها كثيراً... فكانت الوعود التي أجزمت بها هذه الشركات في أنها جاءت لرفع المعاناة عن كاهل السكة الحديد والعاملين واستبشرت السكة الحديد خيراً.. ولكن هيهات..إذ أنه أتضح أن هذه الشركات الاستثمارية جاءت لأغراض أخرى تخدم بعض القائمين عليها.. كانت هذه الشركات قد أبرمت عقوداً مع السكة حديد كل حسب عقدها وفي كل عقد شرط جزائي على الطرفين.. ولكن اتضح أن هذه العائدات لا ترجع إلى خزينة السكة حديد حسب الوعود والعقود.. وحسب علمي أن السكة حديد غير راغبة الآن في هذه الشركات... ولكن هناك سؤال يلح علينا كثيراً: من الذي وافق على هذه الشركات وما ضمانه بأنها سوف تنفذ عقودها وأين هو الآن؟.. كان أولى له أن يترك السكة حديد تبني نفسها بنفسها لأنها كانت ستكون أحسن مما هي عليه الآن.. لأن السكة حديد لا تحتاج «بلاوي» أخرى على «بلاويها».... وهي المؤسسة الحُبلى بالمشاكل التي أقعدتها كثيراً عن التطور حتى سبقتها دولٌ في هذا المجال كانت هي السبب في إنشائها مثل زامبيا وغيرها.. واليوم تقعد كسيحةً معاقةً تحتاج إلى عكازتين للإتكاء عليهما.. ونحن نأمل أن تلتفت الحكومة المنتخبة و تعير السكة حديد اهتماماً يُرجع لها هيبتها التي فقدتها منذ زمن ليس بالقصير..