خرجتُ كالعادة من البيت إلى محطة المواصلات «الدروشاب شمال» التي تأخذني إلى الخرطوم مقر الصحيفة. فوجدت أعداداً مهولة من المواطنين يتذمرون ويشكون ويتضورون من حرِّ الشمس ولهيبها الصاقع في هذا الصيف.. انضممت إليهم وسألت «الحاصل شنو؟» فلم أجد من أحد إجابة لأن الكل لا يعرف!! فوقفت أيضاً قرابة الساعتين، وبعدها اتجهنا أنا وزميلتي نعمات خضر إلى آخر محطة لكي نعرف سبب انقطاع المواصلات، فكانت هناك الإجابة الشافية وهي: أن سائقي الحافلات يدخلون إضراباً مفاجئاً ومفروضاً، فسألت عن سبب الإضراب؟..الكل أجمع على أن السبب هو تغيير خط سير الحافلات دون سابق إنذار أو إعلان، وهم يحملون الكروكي القديم الذي يعملون به منذ إنشاء هذا الخط.. وأفاد الجميع بأن من يذهب بالخط المعروف تعاقبه شرطة المرور بإيصال مخالفة، وإذا احتج يأخذ إيصالاً آخر في نفس اللحظة؟! فلماذا كل هذه المعاناة التي يكون ضحيتها في النهاية المواطن المسكين المغلوب، الذي لا يحتمل هذا، و سائقو الحافلات الذين يسترزقون منها ويديرون منها بيوتاً.. فمن هو الذي يتسلط على هؤلاء؟. فإذا كانت هناك مشكلة تريد الشرطة حلها بتغيير الخط فمن المفترض أن تجلس مع هؤلاء لكي يعرفوا الحاصل و يقبلوا به، لأن الشرطة دائماً في خدمة الشعب.. وذلك لمصلحة المواطن ومصلحة السائق، وأولاً وأخيراً مصلحة الوطن. وقبل أن نضع القلم لابد من الإشارة إلى حديث مواطن مغلوب على أمره عندما قال و كاد الدمع أن يطفر من عينيه:«نحنا بنعرف شعوب تحقد على حكوماتها.. لكننا لم نسمع بحكومة تحقد على شعبها إلا هنا».. والله المستعان.