وتشخيص الازمة السودانية بشكل كلي إلا ان ردود الفعل انحصرت في مقترح صغير ضمن جملة توصيات رفعتها اللجنة للجهة التي أوكلت لها المهمة في مطلع مارس من هذا العام وهي الاتحاد الافريقي , بينما أمسكت الحكومة العصا من منتصفها تماما في التعاطي مع التقرير , وجهد نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في التركيز على مجمل التقرير مشيرا في تصريحات لرئيس تحرير صحيفة الأخبار أمس الى ان التقرير خلق فرصة جديدة للتقارب الوطني مطالبا الجميع بإعلاء قيمة التعاطي الايجابي مع الموقف الجديد إلا أن أهم شريحة مختصة بهذا الشأن من منظمات المجتمع المدني وهي اتحاد المحامين على لسان نقيب المحامين فتحي خليل رفضت مجرد الحديث عن محاكم مختلطة باعتباره تشكيكا غير مقبول إطلاقا في نزاهة القضاء الوطني. . ذات المنهج الحذر في التعامل مع توصيات التقرير كان في الضفة الاخرى حيث أشار ل(الأحداث) عبر الهاتف أمس من العاصمة البريطانية المتحدث الرسمي باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين الى انهم كونوا لجنة تدرس حاليا في التقرير مضيفا "بشكل عام حوى التقرير أشياء إيجابية وأخرى سلبية". فقط هي المعارضة التي قبلت بالتقرير مجملا وذهبت خطوات أكبر في هذا الاتجاه بصياغة مذكرة تدعم فيها التقرير مما جعل نائب الرئيس يومئ الى أن التقرير خلق فرصة تقارب وطني.. ولعل دافع الحكومة في التعامل الايجابي يكمن في أن لجنة امبيكي توصلت الى أن أس الازمة لا يتعلق فقط بالاداء السياسي للحكومة في التعاطي مع ازمة دارفور بقدر مايعبر عن شمول أزمة ورثتها أنظمة الحكم المتعاقبة وتراكمت بحيث لم تجد حلا الى أن تفاقمت قائلاً "إن اللجنة ترى كما نوقش سلفاً في هذا التقرير أن جذور أزمة دارفور تكمن في إهمال الهوامش السودانية من قبل مركز السلطة والثروة في الخرطوم وهو إرث يرجع تاريخه لما قبل الاستقلال وقد استمر حتى اليوم. وهذا الخلل الذي يتسم بالتوزيع غير العادل للثروة والسلطة أثار التوترات والصراعات في السودان وعمل على تصعيد الوضع الذي استدعيت اللجنة للتحقيق فيه". النقطة الاساسية في التقرير المتعلقة بالمحاكم المختلطة كانت هي مكمن التباين الاساس في وجهات النظر , إذ وضع أحمد حسين علامات استفهام حول المحاكم المختلطة "بالنسبة لنا إذا كان المقصود في مسألة المحاكم المختلطة أن تكون بديلا للمحكمة الجنائية الدولية فهذا مرفوض تماما, لكن اذا كان القصد هو ان تكون مكملا لها فهذا يخلق عدة تساؤلات لدينا تحتاج الى إجابة من لجنة التحقيق مثل اختصاص المحكمة ومرجعيتها, أما رئيس لجنة السلام بالمجلس الوطني والخبير القانوني علي السيد فنظر للامر من زاوية قانوية محضة في مهاتفته مع الأحداث أمس بتأكيده أن التوصية بمحاكم مختلطة هو في الاساس طعن في ظل الفيل لأن القضاء السوداني ليست به أي إشكالية نزاهة, معتبراً أن اللجنة لم تدقق في الازمة لأنها استهدفت الجهة الخطأ، فالقاضي يجلس على مكتبه وإذا لم تحول اليه القضية لايمكن ان يتخذ فيها قرارا, وبعودة الى كل من اتهمتهم المحكمة الجنائية مثل هارون وكوشيب نجد أنهم لم يصلوا الى مرحلة القضاء الى الآن , لهذا اذا كان هناك خلل يجب معالجته هو التركيز على أجهزة القبض القضائي ", وفي إجابته على سؤال الأحداث حول الحل البديل أجاب بأنهم عند ظهور قانون الاجراءات الجنائية عارضوا أن يكون للنائب العام الحق في شطب التهمة الجنائية قبل الوصول الى القضاء , ويجنح علي السيد قليلا نحو السياسة بقوله اننا كنا نعلم لماذا كان النظام يصر على إعطاء السلطة التنفيذية التحكم في توجيه العدالة الجنائية. برغم من اتفاق فتحي خليل مع السيد في رفضه التشكيك في نزاهة القضاء إلا ان المدخل مختلف حيث يركز خليل أنهم كمحامين معنيين بشكل أساسي بسيادة حكم القانون واستقلال القضاء مؤكدا أنهم قدموا رؤيتهم هذه الى لجنة امبيكي لكن اللجنة لم تعد للاجتماع بهم حسب الاتفاق بل جلست الى قانونيين آخرين هم من جعلوهم يقدمون مثل هذه المقترحات, أيضا أضاف خليل انه لايوجد أي نص في قانون الهيئة القضائية 1986الذي استندت اليه لجنة امبيكي بوجود نص يسمح لغير السودانيين أن يكونوا جزءا من الهيئة القضائية.. ظل كل من خليل وأحمد حسين عند موقفهما في الاجابة على تساؤل الأحداث عن مصير تنفيذ توصيات التقرير, أحمد حسين يقول ان العدالة والسلام لايمكن الاستغناء عنهما أبدا لهذا أي محاولة لتحويل المسار القانوني الى سياسي هو أمر مرفوض ولن نقبل به، بينما يختتم وجهة نظره بشكل قطعي "أسمعها مني لن تكون هناك محاكم مختلطة أبدا, ومصيرها سيكون مصير قرار محكمة الجنايات الدولية