الكل بدا متفائلا من أن يشهد الاقتصادي السوداني في القريب العاجل انتعاشا حقيقيا بعد أن اعلنت دولة قطر التزامها التام بشراء سندات حكومية بمبالغ مقدرة، حيث اكملت قطر كافة الاجراءات الخاصة لشراء مجموعة بنك قطر الوطني لسندات حكومية قبل نهاية أبريل الجاري، بعد أن قدم البنك بكافة المستندات المطلوبة والمستوفية لشروط الشراء. وقطع الخبراء الاقتصاديون بأن شراء قطر للسندات ما هو الا ترجمة لما أعلنته قطر خلال لقاء ولي العهد القطري برئيس جمهورية السودان المشير عمر أحمد البشير العام المنصرم، حيث أعلنت وقتها عن اقتراض السودان لمبالغ بما يعادل ملياري دولار، فالبرغم من عدم تحديد مبالغ شراء قطر للسندات من قبل وزارة المالية، إلا أن تلك المبالغ من شأنها أن توثر إيجابا بالاقتصاد السوداني، وهذا ما أكده الخبراء ووزير الدولة بالمالية عبدالرحمن ضرار، حيث قطع بأن المبالغ ستؤثر مباشرة في خفض أسعار الدولار ومعدلات التضخم فضلا على سد العجز في الميزان التجاري وانعاش قطاع الاستثمار، مؤكدا أنه سينعكس ايجابا علي انخفاض الاسعار ودعم جهود الدولة الرامية لتخفيف الاعباء المعيشية على المواطن، لكن بعض الخبراء رأوا بأن شراء الصكوك نوع من أنواع الاقتراض التي قد تساهم في إحداث استقرار بالاقتصاد، إلا أنهم رجعوا ليؤكدا أن ذلك ليس الحل الجذري لأزمة الاقتصاد وأن تأثيرة سيكون محدودا ومؤقتا، لافتين في ذات الوقت بأنه كان من الممكن أن يستفيد السودان من ذلك أيما استفادة إذا ما كانت الظروف الت تمر بها البلاد حاليا « الحروب». وعليه فإن الاستفادة ستكون ضئيلة، وقد تتجه لمجابهة الحروب بدلا من المشروعات التنموية وغيرها. وقطع رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني الأسبق دكتور بابكر محمد توم بضرورة التركيز بشدة على تسويق الصكوك الاسلامية؛ لجهة أنها مبرأة من أي عيوب بجانب أنها مستوفية مع الشريعية، مؤكدا أن تلك الصكوك نوع في أسواق المال له باع كبير، لافتا إلى أن الصكوك يمثل جزءا من أدوات التمويل أو الدين المرن، مؤكدا عدم وجود وسيلة تمويلية أخرى في الوقت الراهن غير الصكوك، مبينا أنها افضل من شهادة شهامة لجهة أنها قصيرة الأجل، مؤكدا أن الصكوك مبنية على أصول حقيقية، لذلك فإن قطر والسعودية وبعض الدول الأخرى مطمئنة من الصكوك، مؤكدا مقدرة الدولة بالوفاء بها في وقتها، مبينا أن الصكوك تمثل موارد حقيقية للمستثمرين الحقيقين لجهة أنها تدفع نقدا، وقطع بابكر في حديثه أمس ل(الأحداث) بأن الصكوك ستوفر عملات حرة السودان محتاج اليها وتخفض الدولار الذي يعتبر الحكومة أمن كبار المشتريين لها لشراء السلع الضرورية، مجددا على أن المبالغ عندما تأتي لقطر فمن شأنها أن تغطي الطلب على الدولار، وبالتالي تخفض جميع اسعار السلع، لافتا إلى أننا في حاجة إلى الترويج اكثر للصكوك لدى الدول الأخرى لجهة أنه ثبت للعالم أنه ينظر إليه بتقدير ما يتطلب ضرورة تطويرها وفقا للمتغيرات والنظر عليها. ولكن وزير المالية أكد في حديثه ل(الأحداث) بأن شراء قطر للصكوك الحكومية أثرها ايجابي لكنها قصيرة المدى، مشددا على ضرورة البحث عن مصادر مستدامة؛ لجهة أن البلاد تعاني من مشاكل حقيقية خاصة مسألة تصاعد اسعار الدولار، مجددا على أن الصكوك لها أثر لكنها ليست الحل الجذري للمشكلة، واصفا الخطة بعلاج الحمى إلا أن الحمى مازالت موجودة. وفي ذات الاتجاه أكد الاقتصادي دكتور محمد الناير أن ما أقدمت عليه دولة قطر تجاه السودان ترجمة لالتزامها الذي أعلنته إبان لقاء ولي العهد القطري ورئيس الجمهورية بأنها ستشتري سندات بمايعادل ملياري دولار. وقال الناير ل(الأحداث) بأن المبالغ سواء جاءت كاملة أو أجزاء على مراحل، فمن المؤكد أنها ستعالج كثيرا من المشاكل أهمها استقرار سعر الصرف والذي بموجبه سينعكس على معدلات التضخم وأسعار السلع، ورجع الناير ليؤكد أن المبالغ التي ستأتي للسودان كان يمكن أن يكون لها الأثر الأكبر لو أنها جاءت في ظروف غير هذا « حروب»، مبينا أن أزمة هجليج وتوقف النفط وعدم استمراره لها آثار وانعكاسات سالبة. ويرى الاقتصادي بجامعة الخرطوم دكتور محمد الجاك أن الصكوك نوع من الاقتراض لكنه غير قاصر على المواطنين لذلك فإن السندات أو الصكوك يقوم بشرائها أجانب توفر من خلالها العملة الصعبة، وبالتالي يمكن أن تواجه بها العجز في العملات الحرة، وبالتالي تمكن الدولة من ضخ كميات من الدولارات. وأكد الجاك في حديثه ل(الأحداث) بأن توفير الدولارات من شأنها أن تخفض سعر الصرف لكنها تعتمد على أسعار الفائدة أو العائد الذي تقدمه الدولة، فاذا كان العائد غير كبير فإن المستثمرين حتى من الأجانب لم يقدموا على شرائها لجهة أن هنالك فرصا أكثر عائدا بما في السندات، وبالتالي تصبح مفاضلة بين الاستثمار فيها أو غيرها، مؤكدا أن ذلك يحتاج إلى معرفة الدولة للاسواق المالية وما تقدمة من فوائد. مؤكدا أن النجاح يعتمد على فاعلية أسواق المال الموجودة في البلدان المختلفة، مبينا أن السندات الحكومية وبالرغم من الضمانات من حيث العائد، إلا أن المنافسة الحادة بين المراكز المالية المختلفة تساعد كثيرا في جذبها ما يتطلب أن يكون سوق الخرطوم للأوراق المالية لديه قدرة تنافسية قوية لاستقطاب المستثمرين حتى يكون العائد أكثر، مجددا على أن الصكوك مصدر ايرادات لكن نجاحاتها يحتاج إلى توفير نقاط محددة خاصة تلك التي تتعلق بالقدرة التنافسية في سوق الأوراق المالية.