مصر الآن تمر بمرحلة مفصلية في كافة مناحي الحياة بما فيها أداء الأجهزة الإعلامية المختلفة من إذاعة وتلفزيون وصحافة.. ويعتبر الإعلام المصري مؤثراً بدرجة كبيرة بعكس الكثير من الدول العربية.. فالإعلام بوسائله المختلفة كان في قبضة النظام الحاكم السابق وكان بوقاً له يتحدث بلسانه ويتحرك على هواه.. لكن الصورة المقلوبة بدأت في الرجوع الى أصلها.. وأثناء زيارة الصحفيين السودانيين للمؤسسات الإعلامية التي نظمها معهد الأهرام الإقليمي خلال الدورة التدريبية التي اختتمت الأسبوع الماضي كشف الإعلاميون المشاكل التي تحيط بالإعلام المصري. «الأحداث» رصدت حديث الخبراء الإعلاميين المصريين بجانب حديث مديرة الإعلام في الأممالمتحدة لمكتب شرق ووسط إفريقيا ومديرة البي بي سي.. ليشرح نقيب الصحفيين المصريين ممدوح الولي حالة الصحافة والصحفيين في مصر. وقال الواقع الصحفي يحتاج الى إعادة صياغة حيث توجد في مصر حسب آخر تقرير للنقابة كان في نوفمبر 2011م عدد (549) إصدارة منها (31) إصدارة يومية و(127) صحيفة أو مجلة أسبوعية. لافتاً للعديد من الجهات التي تصدر الإصدارات فالجمعيات الأهلية لديها (129) والأحزاب (59) والمؤسسات القومية هي الأكثر توزيعاً، تصدر (55), وشركات المساهمة لديها (56) والمحافظات (16) والجامعات (56). ونبه الى أن العاملين لديهم قيد في نقابة الصحفيين (7098)., فالعاملون في المؤسسات القومية (4366) عاملاً ففي الأهرام التي تصدر (18) إصدارة بها (1576) عاملاً، وفي الجمهورية التي تصدر (12) وبها (859) عاملاً. وفي الوفد (خاصة) (208). وقال الولي إن الأحوال المالية متدهورة في الصحافة المصرية. وعن الترشيح لنقابة الصحفيين قال الولي قبل الثورة لا أحد يستطيع أن يرشح نفسه لأن مرشح الحزب المسنود من الحزب يفوز بأي شكل من الأشكال وبأي طريقة, أما بعد الثورة كل شخص يمكن أن ينافس على نقابة الصحفيين. وقال إن الحد الأدنى للصحفي المقيد في النقابة لا يقل عن (700) جنيه والحد الأعلى لا يتجاوز ال(26,000) لأن المؤسسات الإعلامية تتفاوت أوضاعها المالية بين الفقر والثراء. وقال إن الصحف الخاصة بدأت تنافس الصحف القومية بحكم انتشارها وسحبت عدداً من القراء والمساحات الإعلانية. ولفت الى أن الصحفي المصري ليست لديه أي حصانة كما يعتقد الكثيرون واذا تعرض لأي موقف قانوني يقوم محامٍ بالدفاع عنه. وأوضح الولي شروط قيد الصحفي بالنقابة أن يكون تم تعيينه في المؤسسة قبل ثلاثة أشهر بالاضافة للمؤهل الجامعي بجانب تأمينه من قبل الصحيفة التي يعمل فيها. فضلاً عن أجره الشهري. بالاضافة الى عرض مواده التي نشرها في الصحيفة. د. نجلاء العمري الإعلامية الشهيرة ومدير مكتب البي بي سي في الشرق الأوسط قالت توجد مشكلة كبيرة في الأجيال الجديدة في الإعلام حول الدقة في النقل بجانب استهانتهم بالقيم ولديهم عدم وعي بالقيم المهنية والاستهانة بها كما عملوا على تشويهها. وأضافت بالقول: إن غياب المعلومة يعتبر واحدة من التحديات التحريرية. وقالت عن مؤسساتها بأنها ظاهرة لا تتكرر. وأكدت على أن الشعب السوداني بالرغم من توقف بث البي بي سي في السودان لازال عدد المستمعين هم الأكثر. مدير التحرير بصحيفة الأهرام عبد العظيم درويش قال نحن في الأهرام كان همنا الأول بعد الثورة استعادة الجماهير التي فقدناها قبل الثورة في ظل نظام مبارك والآن عدنا كما كنا لأن سياسة الأهرام تعتمد على الموضوعية والحيادية ونقل الحدث للقارئ وليس العكس. واعترف درويش بأن ما ينشر عن السودان غير كاف ونحن نتطلع الى أن ينشر إعلاميو السودان ما يدور في مصر, وبرر ذلك بأن الأهرام تعاني من ضيق المساحات لأن الإعلان فيها كبير بالإضافة لانفجار أحداث مفاجئة. وقال إن ثقافة التدريب في الوطن هي الفريضة الغائبة وتحديداً في الوسط الصحفي. محمد عبد الشافي رئيس شبكة الأخبار المسموعة في اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري قال إن الثورات افرزت أوضاعاً مختلفة بناء على رغبة الشعوب. لافتاً الى أن الثورة لم تصلح النظام. وأضاف قائلا: على الأجهزة الإعلامية تنوير الشعوب بكل مهنية وشفافية لأن الشعوب لن تتحرر إلا بالتنوير وأن يعمل الإعلامي على إرضاء ضميره بسرده للحقائق كاملة, مشيراً الى أن الحرية في مصر الآن في الإذاعة والتلفزيون بدون سقف. وقال إن الإعلام في مصر قبل الثورة لا توجد تعليمات مباشرة لكن التعليمات كانت من الرؤساء الذي يكلفون بإدارة الأجهزة وكان الإعلام في نظام مبارك إعلام الحاكم, وان الإعلام أثناء المظاهرات كان يعمل على دعم الثورة بطريقة غير مباشرة باستعمال الذكاء الإعلامي ونمرر الأخبار بذات الذكاء. وبعد الثورة مباشرة وجه الرئيس عصام شرف بترتيب النشرة على أهمية الخبر لا الشخصية بعكس ما كان يحدث في عهد مبارك ليبقى الموضوع في النشرة الإخبارية أو البرنامج هو البطل, الآن التلفزيون والإذاعة توجهت لخدمة المواطن في كافة قضاياه. مستشار وزير الإعلام المصري عادل نور الدين أكد أن كل شيء في مصر بدأ يتغير تغيراً جذرياً بعد مرور عام وثلاثة أشهر على ثورة شباب التحرير. وقال ما حدث في مصر لم يحدث ما يماثله في الأجهزة الإعلامية. ووصف عادل الإعلام المصري بالرجل المريض يحتاج الى علاج مكثف لعلاجه حتى يشفى. وأوضح بأن اتحاد الإذاعة والتلفزيون يعاني من وجود أعداد كبيرة به حيث يوجد (43) ألف موظف مقابل (28) قناة تلفزيونية حكومية, بجانب (58) محطة اذاعية و(35) إذاعة موجة اف ام, لافتاً الى أن العدد الكبير أدى لانشغال الإدارة عن الجودة المطلوبة. وطالب عابدين المسؤولين عن الإعلام المصري معالجة الفوضى التي تحدث حالياً في الإعلام الخاص والعام وأن يعاد قانون تراخيص البث (المرئي والمسموع) وأن يحاسب من يخطئ. ونادى بوضع ميثاق شرف إعلامي وأن تكون نقابة للعاملين التي يجري التشاور حولها حاليا. وكشف عن المديونية على الاتحاد والتي بلغت (13) مليار جنيه. لافتاً الى أن الأجهزة الإعلامية في مصر تعاني من عدم المهنية بشقيه العام والخاص ولا أحد يرغب في الالتزام بها. وقال لدينا مجموعة مستقلة متطوعة تعكف على حل المشاكل في الاعلام بالاضافة الى مناقشتها مستقبل الإعلام في مصر. مديرة الإعلام بالأممالمتحدة لشرق ووسط افريقيا د. خولة مطر اعترفت بأن شعوب المنطقة العربية أقل احتراماً للأمم المتحدة. وقالت يوجد خلط لدى العامة في أعمال الاممالمتحدة ما بين الشق السياسي والشق التنموي. مشيرة الى تقصير منظمتها في بعض القضايا. وقالت ما يعيب الأممالمتحدة عدم قدرتها على توصيل المعلومات والصورة الصحيحة لها. وتابعت قائلة: الأجهزة الإعلامية أيضاً مقصرة لأنها تأخذ المعلومة ناقصة. ولفتت الى أن الأممالمتحدة تعمل في الشق التنموي في التنمية المستدامة وغيرها من المشاريع والقضايا ك(الأمن الغذائي, الصحة التعليم, المساواة بين الجنسين, تغيرات المناخ خلق السلام وحفظه احترام سيادة القانون, فض المزاع) التي نتطلع الى استمراريتها بغرض الوصول لأكبر عدد من الشرائح المستهدفة. واتهمت خولة الإعلام بأنه يتجاهل القضايا الأساسية ويناقش المواضيع بشكل ديكوري, وعابت كذلك على الصحفيين عدم بحثهم عن القضايا التي تعمل فيها المنظمة وكل ما يذكر في الصحافة تناول المواضيع شبه سنوية. وقالت نحن لا نريد تطبيلاً أو تغطية إيجابية إنما نريد ذكر الحقيقة حتى نعمل على سد النواقص وتصحيحها. واعترفت خولة بحاجة الاممالمتحدة للإصلاح سيما وان الشق السياسي عادة ما يؤثر على عمل الشق التنموي. وعن قضية دارفور واتهام الحكومة بالانحياز للأمم المتحدة قالت خولة إن الأمم عادة ما تنحاز للطرف الأضعف. ونفت بأن تكون لهم اجندة خاصة في دارفور وجنوب السودان وان الأخير حسب رأيها الشخصي أن الحكومة السودانية لم تلعب بأوراقها بالطريقة الصحيحة. واعتبرت حديث الكثيرين عن صرف اموال المشاريع على الموظفين عار من الصحة.