محمد وداعة: الجنجويدي التشادى .. الأمين الدودو خاطري    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان ومواجهة تحديات إستراتيجية دولة الجنوب
نشر في الأحداث يوم 20 - 04 - 2012

إن إقدام دولة جنوب السودان باحتلال منطقة هجليج في منطقة جنوب كردفان, يعد تحولا جديدا في مسار العلاقات بين دولتي السودان, والخطوة قد أحدثت تغييرا كبيرا في سلم الأولويات, حيث أصبحت قضية تحرير الأرض من الاحتلال مقدمة على ما عداها من القضايا, وبالتالي إذا كانت دولة جنوب السودان تهدف من وراء الاحتلال للمنطقة النفطية, أن تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد, لكي تعجل بغضب الجماهير وخروجها, تكون قد ارتكبت خطئا استراتيجيا كبيرا, باعتبار أن الخطوة خاطئة من كل النواحي. ولا أعتقد هناك من يقبل أن تحتل بلده دولة أجنبية لكي تسهل عليه مهمة إسقاط النظام, وإذا قدر أن يحدث ذلك, يعني أن دولة الجنوب سوف تحقق كل شروطها في التفاوض, على المناطق المختلف عليها وتخضع للمفاوضات, وهي بالتي سوف تحدد المدن والمناطق التي تتبع لها, والمناطق التي تتبع دولة السودان, وأن النظام الذي يأتي بعد عملية السقوط, سوف يكون شبيها بالحكومة الحرة التي صنعتها ألمانيا الهتلرية في فرنسا بعد ما احتلتها, أو الحكومة التي كونها العراق بعد احتلاله إلى الكويت. هذه من الناحية المبدئية, ولكن من الناحية السياسية والتحليلية إلى الأحداث, تثار العديد من الأسئلة المهمة جدا, لماذا حدث الاحتلال وكيف لم يتم التحسب لمثل هذا الفعل رغم أنه تكرر؟
جاء الهجوم الأخير على منطقة هجليج واحتلالها, بعد المحادثات التي أجراها المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي ثامبو أمبيكي في الخرطوم مع الرئيس البشير, وأخذ موافقة منه للقاء يتم بينه ورئيس دولة جنوب السودان سلفاكير, كما جاء الهجوم الأول بعد زيارة وفد دولة جنوب السودان للخرطوم, حيث كان يرتب للقاء بين الرئيسين في جوبا, وهنا يثار سؤال ما هي العلاقة بين الموافقة على اللقاء وبين موافقة الرئيس البشير؟ أعتقد أن حضور الوفود, وأخذ الموافقة من الرئيس, تجعل هناك نوعا من الانشغال حول ترتيبات اللقاء, وعدم الانتباه إلى إن هناك خططا تسير عكس ترتيب اللقاء, وهي الفرصة التي تغتنمها العقلية الإستراتيجية العسكرية لدولة جنوب السودان, إذا كانت من قيادات تتبع لها, أو مجموعة من الخبراء العسكريين تستعين بهم, ولكن لماذا لم تنتبه العقلية الإستراتيجية العسكرية السودانية لذلك, وأن يكون لها قرنا استشعار, وخطوات استباقية, تقي من أي عمل عدائي يمكن أن يحدث.
أدارت الحكومة السودانية الأزمة من خلال ثلاثة محاور أسياسية: الأول الإدارة الدبلوماسية للأزمة, حيث استطاعت الدبلوماسية أن توصل صوتها إلى كل المحافل الدولية والعديد من الدول المؤثرة في العلاقات الدولية, حيث دعت الأمم المتحدة السودان ودولة جنوب السودان إلى وقف جميع الأعمال العدائية في حين حث مجلس الأمن الدولي جوبا على سحب قواتها من منطقة هجليج) وفي ذات الموضوع, قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند ( تشعر الولايات المتحدة بانزعاج بالغ بسبب تصاعد الأعمال العدائية بين السودان وجنوب السودان وتدين العمليات العسكرية الهجومية التي يقوم بها أي من الجانبين. إننا ندين مشاركة القوات العسكرية لجنوب السودان في الهجوم على هجليج واحتلالها, وهو عمل يتجاوز الدفاع عن النفس, ويزيد من حدة التوتر بين السودان وجنوب السودان إلى مستويات خطيرة) وفي نفس الوقت طالب الاتحاد الأفريقي جوبا بانسحاب غير مشروط من منطقة هجليج, وقال رمضان العمامرة مفوض مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي بعد اجتماع للمجلس قال ( إن المجلس مستاء من احتلال القوات المسلحة لجنوب السودان غير قانوني, وغير مقبول لهجليج) ) وأيضا قالت المنسقة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون ( إن الخطوة التي تنفذها القوات المسلحة التابعة لدولة جنوب السودان لاحتلال حقول النفط في منطقة هجليج غير مقبولة, كما استمرار القصف الذي للقوات المسلحة السودانية على الأراضي التابعة لجنوب السودان أمر مقلق) كل هذه المناشدات قد ضربت بها حكومة الجنوب عرض الحائط, حيث وضعت شروطا لانسحابها من المنطقة.
قال وزير الإعلام لدولة جنوب السودان برنابا ماريال ( إن بلاده وضعت لائحة شروط محددة للخرطوم للموافقة عليها لكي تسحب قواتها من منطقة هجليج النفطية الحدودية التي سيطرت عليها) وأضاف قائلا ( إن بلاده تشترط انسحاب قواتها من هجليج تتطلب وقف كل الاعتداءات البرية والجوية التي تقوم بها القوات المسلحة السودانية ضد بلاده, ويجب انسحاب القوات المسلحة السودانية التي تحتل أبيي أن تنسحب كليا منها, ويشترط أيضا سحب قوات دولة جنوب السودان من هجليج بنشر مراقبين دوليين بالقيام بدوريات على طول منطقة الحدودية المتنازع عليها) إذن دولة الجنوب تعتقد أن لديها القدرة ليس على المحافظة فقط على المنطقة بل إنها قادرة أيضا على احتلال مناطق أخرى. وجاء ذلك على لسان الرئيس سلفاكير حيث قال إننا سوف نقدم على احتلال أية مناطق أخرى تنتج النفط في السودان وهذا تحدي ليس للحكومة بل للدولة نفسها بكل مكوناتها, ولكن ما هي القوة التي تستند عليها دولة جنوب السودان وتفرض مثل هذا التحدي, أعتقد هناك أسبابا سوف نشير إليها لاحقا.
كان رد الفعل للحكومة السودانية موازيا للعمل الدبلوماسي.. إجراءات اتخذت من قبل المجلس التشريعي في إعلان التعبئة العامة ومساندة القوات المسلحة في معركتها مع دولة جنوب السودان بهدف تحرير منطقة هجليج. وكان مجلس الوزراء في الخرطوم قد قرر وقف التفاوض مع دولة جنوب السودان إلى ما بعد تحرير منطقة هجليج) وقال الرئيس عمر البشير ( إن الجنوب اختار الحرب تنفيذاً لأجندة خارجية كانت تدعمهم )، وأضاف قائلا للصحافيين في مطار الخرطوم أثناء وداعه لرئيس النيجر ( إن الحرب ليست في مصلحة جنوب السودان والسودان وللأسف إخواننا في الجنوب لا يفكرون في مصلحة السودان أو الجنوب) بحديث رئيس الجمهورية يبقى خيار الحرب هو الطريق المفروض الآن, وأعتقد أن كل القضايا الخلافية مع النظام وقضية الصراع من أجل السلطة, يجب أن تتقدم عليها عملية تحرير المنطقة المحتلة, هو الواجب المفروض على أبناء السودان, باعتبار أن الشروط التي وضعتها دولة جنوب السودان للانسحاب من المنطقة هي بمثابة مساومة على مناطق أخرى تعتقد دولة الجنوب تابعة لها وهي قضية ليست لها أية علاقة بقضية صراع السلطة في السودان إنما لها علاقة بالدولة السودانية والسيادة على أراضيها, والقضية ليست مرتبطة بقضية تحرير فقط بل أيضا أن لا تقدم دولة جنوب السودان مرة أخرى على مثل هذا الفعل.
وفي ذات الموضوع قال الفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع في البرلمان ( هناك مخطط لإسقاط النظام يبدأ بالسيطرة على مواقع البترول وإحدى المدن الرئيسية في جنوب كردفان بمساندة أحزاب المعارضة للاستيلاء على السلطة في الخرطوم) إنني أختلف مع الفريق عبد الرحيم محمد حسين اختلافا كاملا في ما ساقه من حديث لأسباب عديدة, ولكن قبل ذلك إلى متى السيد رئيس الجمهورية وكل القيادات التي حوله, يرفضون سماع الصوت الآخر, خاصة عندما تكون القضايا متعلقة بالوطن, والتحديات المفروضة عليه, إن كانت داخلية أو خارجية؟ ويجب أن يكون هناك تمييزا بين معارضة النظام وبين الوطن ووجوده وسلامة أراضيه, ولكن ظلت قيادات الإنقاذ لا تثق إلا في ذاتها, رغم تراكم التحديات الداخلية والخارجية, وتعتقد أنها وحدها القادرة على مواجهة تلك التحديات والبقية أم هم عملاء أو طابور خامس أو غيره, وظلت عقلية الإنقاذ تنتج الأزمات بصورة متتالية ومستمرة, وترفض بخيلاء أنها لا تعطي أذنها إلا لمن هم أهل الولاء, وأعتقد الآن المرحلة التي خلقتها دولة جنوب السودان, قد خلقت واقعا جديدا ويجب على قيادة الإنقاذ أن تغير منهجها, حتى يستطيع الوطن كله مواجهة التحديات التي تواجه الوطن, وسلامة أراضية وثرواته.
ولا أتفق مع الفريق عبد الرحيم, أن دولة جنوب السودان تسعى إلى إسقاط النظام في الخرطوم. إن أغلبية قيادات دولة الجنوب يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيق أهدافهم وأهداف دولتهم, من خلال سلطة الإنقاذ باعتبار أن علاقاتها متردية مع المجتمع الدولي وأن أغلبية قياداتها مطالبين من المحكمة الجنائية الدولية, ويمكن الضغط عليهم من أجل التحقيق مطالب دولة الجنوب وأية تغيير غير محسوبة نتائجه, ورغم تظاهر القيادات الجنوبية أنها مع المعارضة ولكنها غير راغبة في إسقاط النظام وبالتالي هي تخلق علاقة متناقضة مع الجانبين, وهي إستراتيجية كان يجب ألا تفوت على السيد وزير الدفاع.
نرجع إلى حديث الفريق عبد الرحيم محمد حسين واختلافنا مع تحليله, في مثل هذا الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد, وكان يجب أن تبتعد القيادات عن الاتهامات, والعمل من أجل وحدة الجبهة الداخلية, والقضية الأخرى هل المعلومات التي اعتمد عليها الفريق في تحليله هي معلومات من واقع ما حدث أم هي معلومات كانت في منضدته قبل احتلال هجليج؟ إذا كانت معلومات من واقع ما أحدثه الاحتلال, يكون هناك تقصيرا كبيرا, باعتبار أن قوات دولة الجنوب ليست المرة الأولى التي تحتل فيها هجليج, أو تعتدي عليها, إلى جانب إن المنطقة نفسها منطقة إستراتيجية اقتصادية, وكان التحسب أن دولة الجنوب سوف تعود على ذلك, وإذا كانت المعلومات على منضدة الفريق ما هي الإجراءات الاحترازية التي قام بها لكي يفشل مثل هذا الهجوم. وكان السيد الفريق أن يلزم جانب ما يقوي به الجبهة الداخلية وكيف تبقى على قلب رجل واحد بدلا من زرع بذور الشك في ظرف يحتاج فعلا للحكمة.
القضية الأخرى, هي خلل في إستراتيجية مواجهة التحديات الخارجية والداخلية, بدأت منذ دخول قوات حركة العدل والمساواة إلى أم درمان, حيث دارت المعركة في المناطق السكنية, ولم تتخذ السلطة أية منهج نقدي للعملية ودخول الحركة أم درمان, بل حاولت أن تجعل تحقيقاتها سرية وتحتفظ بسريتها, رغم كانت هناك أخطاء واضحة لكل القيادات العسكرية والمهتمين بالقضايا الإستراتيجية كان المتوقع أن تنشر السلطة نتائج تحقيقاتها لسببين.
1 – أن التي تحترم عقليات مواطنيها وترغب في مشاركة أكبر قطاع من أهل الرأي والمختصين تنشر مثل هذا التحقيق لكي يتم التعليق عليه من قبل المختصين وبالتالي تتجمع عندها رؤى غزيرة ومعلومات أكثر من ما تتوقع الأمر الذي يحول لأن يحدث مثل هذا الفعل مرة ثانية.
2 – أن نشر مثل هذه المعلومة تجدد الثقة بين القاعدة والقيادة وتوضح مدى الشفافية التي تتعامل بها السلطة ولكن كتم القضية كأن شيئا لم يحدث باعتبار أن قوات العدل والمساواة قد هزمت هذا منهج غير شفاف ويبين هناك فجوة بين القيادة والقاعدة وأيضا لا يسهم في تدفق المعلومات.
هناك بعض التصريحات خرجت من بعض القيادات تقول إن دولة الجنوب هي دولة وليدة, وبالتالي نحن قادرون على رد العدوان عليها, ومثل هذا الرأي يوضح أن بعض القيادات تجهل كثير من التحولات التي حدثت, في هذه الفترة القليلة من الزمن, كما أن تلك القيادات غير متابعة للأحداث للاعتبارات الآتية:-
أولا – أن دولة الجنوب كانت قد تعاقدت مع مؤسسة « Blackwater « الأمريكية وهي مؤسسة متعددة الأغراض في قضايا الحراسة والعمل العسكري وكان الهدف هو تدريب لقوات خاصة تابعة للشرطة والحرس الجمهوري والغريب أن العقد حدث قبل الانفصال وهذه المؤسسات يعمل فيها العديد من الجنرالات الأمريكان المتقاعدين ولكن يملكون خبرات عسكرية وخبرات إستراتيجية.
ثانيا – كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعلن أنه بعث مائة من القوات الخاصة, بهدف مطاردة جيش الرب, وهؤلاء يقيمون في دولة جنوب السودان, وهم من قوات المارينز الخاصة, وأغلبيتهم مدربون وأيضا هؤلاء ليس ببعيدين عن وصول خبراتهم لقوات دولة جنوب السودان.
ثالثا – إن فتح العديد من الجبهات في جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي حدثت بالتتابع, وكانت تعلم قيادات الإنقاذ أن تلك الحروب الداخلية كانت مسنودة من قبل دولة جنوب السودان, إذن ما هو الهدف منها غير تشتيت قدرات القوات المسلحة في مساحات واسعة, وتشتيت مجهوداتها لكي يتم ضعف في جانب يتم استغلاله. هي الإستراتيجية التي كنا قد أشرنا إليها كثيرا, من أجل عيون الوطن, ولكن قيادات الإنقاذ دائما لا تقرأ إلا ما يروق لها, فكانت إشاراتنا أن قضية الإسراع بالحل السلمي لقضية الحركة الشعبية قطاع الشمال ضرورة, لتفويت أن تحقق إستراتيجية أخرى أهدافها, والغريب كان مالك عقار تردد كثيراً في الضغوط التي كانت تمارس عليه, ولكن ألم يفهم ذلك بل ذهب الفهم في اتجاه آخر, واعتقدت القيادة السياسية الحاكمة أنها تستطيع أن تتعامل مع التحديات جميعها بضربة لازب, وكانت دولة الجنوب تبحث عن مكان الضعف لذلك اختبرته وأخيراً نفذت المخطط بشكل كامل.
رابعاً – دولة جنوب السودان تراهن على الانقسام للجبهة الداخلية في السودان, ومستفيدة من بعض القيادات في المؤتمر الوطني, التي ليس لديها غير لغة التحدي للمعارضة واستفزازها, وكانت تعتقد أن ما يصنعه هؤلاء, سوف يجعل قطاع من السودانيين يرحبون بأية خطوة يمكن أن تقوم بها دولة جنوب السودان, باعتباره عملا يضعف الإنقاذ, وليس الهدف منه هو تحقيق أهداف دولة الجنوب ,التي ليس لديها أية علاقة بقضية التحول الديمقراطي في السودان, ولا اعتقد أن القيادات الجنوبية هي ديمقراطية وتطبق نظام ديمقراطيا, لكي تساند قوي ديمقراطية في السودان, إنما هي تعمل لتحقيق مصالحها وإستراتيجيتها.
خامسا – إن الإستراتيجية الأخرى التي كانت تطبقها دولة الجنوب, احتضانها للحركات المسلحة من دارفور, ليس الهدف منها هو ضرب السودان وإسقاط النظام, وكما ذكرت ليس من مصلحتها إسقاط النظام, بل الهدف منها هو أن يعتقد قطاع واسع من السودانيين المعارضين, إن الأعمال العسكرية التي تجري على الحدود, هي من فعل الحركات المسلحة, وليس من دولة جنوب السودان, كما يحدث بلبلة في الرأي الداخلي, إذا قامت حكومة جنوب السودان باحتلال أرض سودانية, يعتقد إن الهدف من ورائه هو مساعدة الحركات المسلحة في تحقيق هدفها, هذه إستراتيجية كانت أيضا واضحة, والغريب في الأمر أن الإنقاذ لم تذهب في اتجاه فضح الأمر وتعريته, بل ذهبت في اتجاه آخر كان يدعم إستراتيجية دولة الجنوب بطريق غير مباشر. عندما كانت تقول قيادات الإنقاذ إن دولة جنوب السودان تدعم الحركات المسلحة لكي تنفذ عمليات ضد السلطة, وكانت تغيب عليها أن تلك العملية تغطية لما وراءها.
سادساً - إن قيادات الإنقاذ في أغلبية تصريحاتها بهدف التعبئة, لم تستطع أن تخرج من دائرة الدفاع على النظام رغم أن القضية ليست متعلقة بالنظام متعلقة بحقوق وطن ووجوب الدفاع عنه, وحتى الأجهزة الإعلامية حصرت نفسها في هذا الاتجاه, وكان من المفترض أن تكون التعبئة بهدف دفاع عن أرض سودانية احتلت من قبل دولة أجنبية, ومهما كانت العلاقة مع دولة الجنوب كانت أو ستكون هي تمثل دولة أجنبية, وتحتل أرض سودانية, وتريد أن تساوم بهذه الأرض لكي تأخذ أراضي أخرى.
سابعاً – كانت دولة الجنوب باستمرار تكرر إلى أجهزة الإعلام, إن كانت داخلية أو خارجية أتهام السودان أنه قام بقصف مواقع لدولة جنوب السودان, وهذا الاتهام ظل مستمر حتى أصبح مسموعا لكل الدول, لذلك عندما قامت قوات دولة الجنوب باحتلال هجليج رغم أن المجتمع الدولي طالبها بالخروج من المنطقة, لكن الحق تلك المطالبة بنقد للسلطة في السودان أن توقف الخرطوم قصفها للمناطق في الجنوب, وهنا استطاعت دولة الجنوب أن تبرر فعلتها بأن الاحتلال جاء نتيجة لردة فعل من جراء ممارسات نظام الخرطوم, واعتقد إن دولة الجنوب قد نجحت إعلاميا, في الوقت الذي لم يستطيع أن يلعب الإعلام السوداني ذات الدور, بل ذهب في اتجاه الوعظ والإرشاد وهذا إعلام أثره ضعيف ليس في مستوي التحدي.
أن احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج, قد كشفت ضعف في الإستراتيجية الإنقاذية, التي تواجه بها التحديات الخارجية, وهي تحتاج فعلا لمراجعة ليس للدفاع عن نظام الإنقاذ, ولكن من أجل الحفاظ على الوطن, وخلق الأرضية والبيئة الصالح لوحدة الجبهة الداخلية, بهدف الوقوف في وجه الأطماع الخارجية, وعدم تفتيت السودان
ونسال الله التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.