لا يكاد سيل المفاجآت ينقطع, وينتهي دابره جراء استرداد القوات المسلحة لمنطقة هجليج, حتى تبدأ الأخبار المباغتة في الظهور الى العلن, وأمس أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد عن توقيف قواته لبريطاني, ونرويجي, جنوب افريقي وجندي تابع لجيش جنوب السودان, وهذه الحادثة تحديداً اعتبرها الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة قرينة تؤكد بجلاء أن «الاعتداء على هجليج تم بمساعدة ومشاركة بعض الجهات الاجنبية», وهي ذات الخطوة التي مضى اليها مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع, معتبراً في حديثه لبرنامج «في الواجهة» التلفزيوني أمس الاول ان القبض على الاجانب «مثال حي» للتدخل الاجنبي في الاعتداء على هجليج الذي اعلنته الحكومة في وقت سابق». الشاهد ان الاجانب الذين تم ترحيلهم الى الخرطوم امس من منطقة هجليج تم توقيفهم في انحاء المنطقة التي تم تحريرها من قبضة جيش جنوب السودان مؤخرا, وذكر المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد أن الموقوفين «وُجدوا يجمعون مخلفات عسكرية لمعاينتها, وانهم يمتطون سيارة عسكرية». إذن لم تدخر الخرطوم جهدها في وضع الأجانب الموقوفين في خانة اللوجستيات التي تم تقديمها لجيش دولة جنوب السودان في اعتدائها على هجليج, بل سرعان ما قامت الحكومة السودانية بترحيلهم الى العاصمة الخرطوم بعدما قطعت بان الاجانب خلفيتهم عسكرية وانهم يحملون معدات تجهيزات قتالية, وهو ما فسره المحلل السياسي عثمان المرضي بنية جهات لم يسمها تهدف الى تأزيم الاوضاع في المنطقة من خلال فبركة ادلة وهمية لإدانة الخرطوم ودمغها باستخدام الاسلحة المحرمة, مشدداً في حديثه مع «الأحداث» امس الى احتجاز الاجانب في منطقة هجليج يؤكد فرضية التدخل الاجنبي الذي قالت به الحكومة عقب الاعتداء على هجليج, وليس فقط بل ان المرضي توقع «أن يكون مقدم الاجانب الى منطقة هجليج بغرض إعداد وكتابة تقرير لجهة دولية ضد حكومة الخرطوم, لا سيما انهم ضُبطوا – والحديث للمرضي - وهم يفحصون بعض المخلفات العسكرية». وهي ذات الفرضية التي تروق للقيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور اسماعيل الحاج موسى, منوها في حديثه ل»الأحداث» امس الى ان وجود الاجانب الموقوفين في منطقة هجليج مريب وانه يبعث على الشك», وأردف يقول: «لم تكن الحكومة تتحدث من فراغ حينما صدعت بأن جهات أجنبية وإقليمية كثيرة ساعدت قوات جيش الجنوب الغازية في الاعتداء على هجليج, مشدداً على ان الذين تم توقيفهم في هجليج ان لم يأتوا لمساعدة قوات الجنوب المعتدية فإنهم يتعاطفون معها». اللافت أن الإشارة الخفية التي مضى اليها «المرضي» والقائلة بأن الأجانب انما جاءوا موفدين لجهة اممية تبدو اقرب الى التصديق سيما ان منظمة الأممالمتحدة العاملة في جنوب السودان قالت إن خمسة من موظفيها تم نقلهم الى الخرطوم, وذكرت المتحدثة باسم البعثة جوزفين جوريرو في تصريحات امس الاول: «أستطيع أن أؤكد أن هناك خمسة من موظفي الاممالمتحدة تم نقلهم الى الخرطوم», إذن بعثة الأممالمتحدة العاملة في جنوب السودان قطعت بأن الخمسة الذين تم ترحيلهم الى الخرطوم هم بعض منسوبيها وإنهم ليسوا عسكريين, فلماذا تواجد الموقوفون في أنحاء منطقة هجليج التي تعيش أوضاعاً استثنائية؟, يقول المحلل السياسي عثمان المرضي إن «تواجد الأجانب الأربعة في منطقة هجليج من الممكن ان يكون وراءه عمل استقصائي أو استخباراتي, يسعى الى إعداد تقرير لصالح جهة بعينها», غير أن المتحدثة باسم بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان جوزفين جوريرو تقول بأن: «الخمسة الموقوفين يعلون مع البعثة», لكنها لم تحدد مسببات تواجدهم في منطقة هجليج, بيد أن المتحدث باسم جيش دولة جنوب السودان العقيد فليب اقوير نفى أن يكون الاجانب الاربعة يقدمون أي خدمة الى قواته, وقال في تصريحات أمس: «هذا هراء ومحض فرية», غير ان اقوير عاد ولفت الى ان الموقوفين في مهمة خاصة بتقديم الخدمات الانسانية لمتضرري الحرب حول منطقة هجليج, ومضى يقول: «إن مصادره في بانتيو عاصة ولاية الوحدة أبلغته بأن شاحنة تابعة للامم المتحدة فُقدت في المنطقة الحدودية واحتجزتها قوات الجيش السوداني. وختم اقوير حديثه بضرورة افساح المجال امام المنظمات لمرور الإنسانية الى متضرري الحرب في المنطقة الحدودية». لكن القيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور اسماعيل الحاج موسى نحا الى وجهة مغايرة تماماً واعتبر أن الممسكين بزمام الأمور في دولة جنوب السودان ليسوا رجال دولة وإنما هم محض افراد يقودون عصابات أثبتت الايام استعانتهم بالمرتزقة لغزو منطقة هجليج, ونوه موسى في حديثه مع «الأحداث» الى أن وجود الأجانب في منطقة هجليج يعني بجلاء أنهم يتعاطفون مع جيش دولة جنوب السودان, مشدداً على ان الحديث عن انتمائهم الى بعثة الاممالمتحدة بدولة الجنوب لا يعفيهم عن الإدانة, ومضى يقول: «لم يكن هناك منسوب واحد للأمم المتحدة في هجليج قبل الاعتداء عليها من قبل جيش الجنوب الغازي», وليس فقط بل ان الحاج موسى قطع بأن الاجانب الاربعة جاءوا مع قوات جيش الجنوب الغازي وانهم يساعدونه ويتعاطفون معه حتى اذا ثبت انهم ينتمون الى البعثة الأممية», وزاد: «هذا يدين البعثة نفسها ويعني افتقارها للموضوعية والاحترافية, منوهاً الى انه يتوجب على البعثة الاممية العاملة في جنوب السودان تحمل مسؤوليتها حال ثبت ما ادعته حول انتماء الموقوفين لها, لجهة ان قانون المنظمة الأممية الدولية لا يعطي منسوبيها الحق في التدخل في الشؤون السياسية, ولا يخول لهم مساعدة الجيوش الغازية, وزاد: «سواء أكان الموقوفون ينتمون الى الأممالمتحدة أو الى أية جهة أخرى فإن وجودهم في منطقة هجليج مريب».