قال الجيش السوداني -السبت الماضي- إنه ألقي القبض على أربعة أشخاص أجانب كانوا يتجولون فى أنحاء متفرقة من منطقة هجليج وبحوزتهم معدات عسكرية. وقال المتحدث بإسم الجيش السوداني العقيد الصورامي خالد سعد للصحفيين إنّ الأجانب الموقوفين هم بريطاني ونرويجي وجنوب أفريقي وجنوب سوداني ضبطتهم دورية من الجيش السوداني بمنطقة التشوين داخل الأراضي السودانية وهم يقومون بجمع بعض المخلفات الحربية لمعاينتها وفحصها، مؤكداً أن التحقيقات الأولية معهم أثبتت أن لديهم خلفية عسكرية، وكانوا يقودون سيارة عسكرية ويحملون تجهيزات عسكرية. وأضاف الصوارمي، إن الموقوفين الأربعة جري نقلهم على الفور الى العاصمة السودانية الخرطوم لإخضاعهم لمزيد من التحقيق. فى هذه الأثناء، نفي الجيش الشعبي صلته بالأجانب الموقوفين، وقال المتحدث بإسم الجيش الشعبي العميد (فليب أقوير) إن الموقوفين ربما يتبعون للأمم المتحدة، ومن جانبها قالت الأممالمتحدة إن (خمسة) من موظفيها فُقدوا، وقالت المتحدث باسم البعثة الأممية فى دولة جنوب السودان (جوزيفين جوريرو) إن خمسة من بعثتها فقدوا فى المنطقة الحدودية هناك. السلطات السودانية فى الخرطوم قالت إن ما جري ما هو إلا إثبات على استعانة الجيش الشعبي بعناصر أجنبية وخبراء ومرتزقة، وقال الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني فى لقاء تلفزيوني تزامن مع الحادثة، إن القبض على هؤلاء الأجانب مثال حيّ على التدخل الاجنبي فى المنطقة. وعلى الرغم من أن السلطات السودانية شرعت على الفور فى التحقيق مع الموقوفين الأربعة، وإنَّ من الضروري بهذا الصدد إنتظار نتائج التحقيق، إلاّ أن هذا فى تقديرنا لا يمنع من التمعُن فى الجوانب السياسية والأمنية المختلفة للحادثة، حيث يصعب تماماً أن نتقبّل فكرة إنتماء هؤلاء الموقوفين الأربعة الى الأممالمتحدة كما زعمت البعثة الأممية فى دولة جنوب السودان فيما يشبه التنسيق بينها وبين المتحدث باسم الجيش الشعبي العميد أقوير؛ وذلك لأن المفقودين – بحسب البعثة الأممية فى جوبا – هم (5) بينما الموقوفين (4). الأمر الثاني أن منسوبي الأممالمتحدة فى العادة وكأمر طبيعي يسارعون على الفور بالكشف عن هوياتهم متي كانوا فى موقف كهذا، ولم يرد فى الإفادات الصحفية التى توفرت حتى الآن ما يشير الى أنهم أوضحوا أنهم ينتمون الى الأممالمتحدة ؛ لأن القواعد التى يعمل بموجبها موظفي المنظمة الدولية تحتم عليهم الإبلاغ عن هوياتهم وطبيعة مهامهم لدي أىِّ سلطة حكومية مسئولة منعاً لأيّ شبهة أو تعرضهم لأي إجراء، ومن المستحيل أن يلزم هؤلاء الصمت وهم يُعتقلون ويُعرضون على وسائل الإعلام ويجري التحقيق معهم على أكثر من مرحلة. الأمر الثالث فقد عرض التلفزيون السوداني صور الموقوفين الأربعة وكان بالإمكان – فور عملية العرض – أن تؤكد الجهة التى تزعم إنتماؤهم إليها ما إذا كانوا بالفعل ينتمون إليها أم لا، فالصور هى خير دليل على هوية الموقوفين وهى كافية للإثبات أو النفي وهو ما لم يحدث رغم وجود زمن كافي على ذلك، اللهم إلا إذا جرت لاحقاً عملية التغطية المتعارف عليها فى العمليات الإستخبارية لطمس الهوية الحقيقية للموقوفين الأربعة، وهو أمر لا نستبعده وإن كنا نعتقد أن من الصعب أن يفوت على فطنة السلطات السودانية. الأمر الرابع إن موظفي الأممالمتحدة – إذا صح زعم انتماؤهم للمنظمة الدولية – لا يرتدون زيّ مدني عادي ويستخدمون معدات عسكرية وسيارة عسكرية ويجوبون منطقة نزاع ساخنة دون الحصول على إذن مسبق، ودون أن يضعوا العلامات والشارات الرسمية الدالة عليهم، فحتي لو كانوا ينتمون حقيقة للأمم المتحدة، فإن مجرد عدم إلتزامهم بالقواعد الدبلوماسية المتعارف عليها ووضعهم لأنفسهم موضع الشبهات يُعتَبروا مخالِفين للقانون الدولي والقوانين السودانية. إن من المبكر الاستنتاج الآن لطبيعة المهمة التى كان يقوم بها هؤلاء الموقوفين، ولكن ما من شك إنهم كانوا يعملون ضمن إطار ذي أبعاد تآمرية مشبوهة، حيث لا يحق لأي منظمة دولية التواجد فى تلك المنطقة بالمخالفة للقوانين. وفى انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات فإن دولة جنوب السودان لا تزال موضع اتهام، إنها تستعين بخبراء أجانب لأغراض حربية أغلب الظن أنها قذرة، وقذرة جداً!