ظاهرة تحصيل الموارد المادية بعيداً عن أورنيك «15» وسيلة لجأت إليها جهات ووحدات ومؤسسات حكومية في وقت كانت فيه رئاسة الجمهورية ووزارة المالية قد حذرتا كافة الوحدات الحكومية من التحصيل بعيداً عن أورنيك «15» الذي يعتبر خروجاً على القانون واللوائح المالية، والأورنيك المعني يؤكد ولاية وزارة المالية على المال العام، ويعتبر السبيل الوحيد لضمان ضخ تلك الأموال وفق السبل الصحيحة، بجانب أنها الجهة المعنية برصد وضبط المخالفات المالية، وزارة المالية على لسان وزيرها علي محمود أقرت بأن المؤسسات الحكومية على المستوى الاتحادي والولائي والمحليات تتحصل رسوماً خارج أورنيك «15»، وما يتبادر إلى الذهن كيف تتعامل وزارة المالية مع تلك الوحدات الحكومية وهي تتجاهل إنفاذ القانون؟ وفي ذات الاتجاه قال الخبير والمحلل الاقتصادي د. عادل عبد العزيز إن تحصيل الإيرادات الحكومية الرسمية يتم بواسطة أورنيك «15» وهذه الإيرادات تكون مرصودة ومعلومة وتدخل في إطار الميزانية المجازة، ولكن الكثير من الوحدات الحكومية تلجأ لتحصيل آخر غير إيصالات غير رسمية وبأوراق عادية مكربنة «دبل كيت» لتحصيل رسوم إضافية من المواطنين تخصص لأغراض خاصة بالوحدة الحكومية المعنية هذه الإيرادات هي إيرادات غير شرعية وتزيد من كلفة الإجراءات الحكومية أياً كان نوعها وتشكل عبئاً إضافياً على المواطن لهذا ينبغي محاربتها، وأنجع سبيل للمحاربة هو معرفة المواطنين لحقوقهم، والامتناع عن سداد أي رسوم لا يتم الحصول في مقابلها على إيصال رسمي وهو أورنيك «15» كما ينبغي إلى منظمات المجتمع المدني وخاصة جمعية حماية المستهلك المساعدة في هذا الأمر بالتنوير والاتصالات المباشرة بالوحدات التي تتحصل على إيرادات غير شرعية، لأن المواطن بمفرده قد يكون ضعيفاً أمام الإدارة الحكومية المعنية. وفي سياق متصل انتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم د. محمد الجاك حديث وزير المالية وقال إن الحديث عن عدم التعامل بأورنيك «15» مرتبط بمسألة إيقاف الرسوم والضرائب غير المقننة، وأضاف أن التعامل في إطار الأورنيك هو أصلاً للحفاظ على المال العام، ويفيد في مراجعة ميزانية الدولة، مبيناً أن التحصيل خارج أورنيك «15» مرتبط بأن الدولة من خلال التوسع الإداري تركت العديد من المؤسسات الحكومية خاصة على المستويات المحلية تلجأ لتحصيل إيرادات إضافية حتى تستطيع تمويل الخدمات الموكلة إليها لأن الدوله لا تسهم فيها بل قامت بتوسيع الجهاز الإداري وإنشاء العديد من الولايات والمحليات، ولكنها لم تكن قادرة على توفير التمويل الكافي لتلك الهياكل، لذا معظم التحصيلات خارج أورنيك «15» تأتي بهذه الدوافع. وكان وزير المالية في حديثه حرض المواطنين على الشكوى للمالية في حال طلب منهم دفع رسوم خارج أورنيك «15» وعلَّق الجاك على ذلك بقوله: «إن هذا الحديث لا يقدم ولا يؤخر بما يخص اختفاء هذه الظاهرة لأن المواطن في الغالب تدفعه الضرورة للدفع خارج أورنيك «15» لأن العديد من الجهات التي تتحصل على رسوم خارج الأورنيك لا تقدم خدماتها دون رسوم، والمواطن في هذه الحالة لن يلتزم بعدم الدفع، مشدداً على ضرورة تفعيل الآليات التي أُنشئت لمواجهة الفساد.