{ استبشر المواطنون خيراً عندما جاء على صفحات الصحف بأنه قد تم تحديد عدد من المراكز بولاية الخرطوم لتوزيع الفراخ بواقع (9.5) جنيه للكيلو وذلك في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار اللحوم الحمراء التي وصل سعر الكيلو منها الى (20) جنيهاً. { معظم المواطنين قالوا إنهم سيلجأون إلى الفراخ بدلاً عن اللحوم الحمراء وأن الفراخ سيكون وجبة للفقراء قبل الأغنياء ولسانهم يلهج بالشكر لولاية الخرطوم ممثلةً في وزارة الزراعة وغرفة الدواجن وإنها بهذا الإعلان تكون قد ساهمت بطريقة أو بأخرى في الحد من الغلاء الذي لازم اللحوم. ولكن للأسف الشديد فإن معظم المراكز لم تلتزم بهذه التوجيهات وظل سعر الفراخ كما هو يتراوح ما بين (13 14) جنيهاً للكيلو وكأن شيئا لم يحدث. { نعم هذا هو واقع الحال الآن فاذهبوا بأنفسكم لتروا كيف يتم بيع الفراخ. وقد لاحظنا ذلك من خلال جولتنا بعدد من مراكز توزيع الفراخ أمس وأمس الأول وربما تم البيع خلال الأسبوع الأول فقط بالسعر الذي أُعلن من قبل وزارة الزراعة ولكن بعد أن استقر الحال عادت الأسعار كما كانت عليه قبل إصدار قائمة أسعار الفراخ. { إذاً لمن نشكو هذه المعضلة والغلاء صار يقتحم كل بيت وأصبح يهدد الكثير من الأسر وهنالك حالات كثيرة من الخلاف بين الأزواج نتيجة لهذا الغلاء وكما هو معروف فإن الضغوط الاقتصادية تجعل رب الأسرة في حالة زهج وضيق من كل كلمة أو مطالبة من الأسرة لأنه لا يمتلك المقدرة الاقتصادية ليوفر لأسرته متطلباتها من السلع الحياتية ناهيك عن السلع الكمالية الأخرى التي تركتها معظم الأسر. فالظرف الاقتصادي والغلاء سيكون سبباً مباشراً في خراب عدد كبير من الأسر فالأطفال لا يعرفون ارتفاع الأسعار وبالتالي لا يعذرون أسرهم لذا فرب الأسرة ملزم بأن يوفر كل شيء لأطفاله حتى وإن سرق وإلا فإن المشاكل ستنصب عليه من كل الاتجاهات. { إذاً من المسؤول عن الغلاء خاصة الغلاء في اللحوم فنحن نمتلك ثروة حيوانية هائلة كان من المفترض أن يكون سعر الكليو، على أسوأ الحالات، عشرة جنيهات؛ فساحات المراعي مليئة بكل الأنواع والوارد لولاية الخرطوم من المواشي (يرقد القلب) ولكن عندما تذهب إلى السوق لتشتري مثلاً خروف تطرح عليك أسعار (تشيب الرأس) لتترك أمر الخروف وأمر السماية إذا كانت لديك سماية والبعض يكتفي فقط بشراء عدد من الكليوجرامات من أجل أن يفرح أسرته وتكون بديلاً لخروف السماية. { أصحاب المواشي يردون الأسباب إلى ارتفاع تكلفة الأعلاف والترحيل وتكلفة مياه الشرب ولا أظن أن هذه أسباب مقنعة لدينا. فنفس هذه الظروف يعيشها أصحاب المواشي كل عام ولكن بالمقابل كانت الأسعار في متناول اليد والشيء المحير جداً في بلادنا أن هذه الأسعار ذات علاقة مع بعضها البعض؛ فإذا ارتفع سعر السكر ارتفع معه الصابون والشاي والزيوت والسلع الاستهلاكية الأخرى وإذا ارتفعت أسعار اللحوم والخراف ارتفعت كذلك أسعار الفراخ والسمك رغم أن الأسماك ليست بحاجة إلى أعلاف أو مراعٍ طبيعية فهي من خيرات البحر!! { الأمر بحاجة إلى مراجعة الخلل؛ فسياسية التحرير لا تعني فوضى الأسعار وإذا لم تحسم هذه الأمور فلابد من زيادة الأجور بنسبة 100% لتواكب الغلاء. فهل يعقل مثلاً أن ترتفع الأسعار وتظل الأجور كما هي وتأتي الموازنة وتبرر عدم زيادة الأجور. المواطن نفد صبره فقد صبر حتى تحقق السلام وكان يقول إن الموازنة الجارية موازنة حرب وقد تم تحويل كل الإيرادات للحرب. وصبر كذلك حتى خرج البترول وقال الحمد لله سنكون من ضمن دول الأوبك ولكن...! وصبر كذلك على الضرائب والقيمة المضافة ونسبة ال(10) وال(15) وصبر.. وصبر.. ولكن سادتي للصبر حدود. فهل يعقل أن يفقد رب الأسرة زوجته وأولاده والسبب الضغوط الاقتصادية! فالضغوط بالإضافة إلى كونها مهدد للأسر فهي أيضاً تؤدي إلى فقدان العقل وستمتلئ قريباً جداً مستشفياتنا النفسية وسينادي كل من يذهب إليها بصوت عال ويردد الغلاء ليعرف زوار المستشفى أن السبب الرئيسي وراء مجيء هؤلاء للمستشفى هو ارتفاع الأسعار!!