حسناً ما فعلته جمعية حماية المستهلك وهي تدعو المواطنين لمقاطعة شراء اللحوم من الأحد المقبل (18) سبتمبر 2011 ولمدة ثلاثة أيام عندما قالت: الغالي متروك. ساهم في تخفيض أسعار اللحوم... قاطع شراء اللحوم من الأحد القادم ولمدة ثلاثة أيام... نعم.. لابد من الوقوف لمقاطعة شراء اللحوم. فهل يعقل مثلاً أن يصل كيلو الضأن إلى(36) جنيهاً ونحن الدولة رقم (1) في إنتاج الثروة الحيوانية! فما بالكم إذا كان السودان يحتل الرقم الأخير في الدول المنتجة للثروة الحيوانية؟ فحتماً بلا شك كان سعر الكيلو سيصل إلى أرقام تصعب كتابتها، والغريب في الأمر أن اللحوم السودانية التي تصدر للخارج تُباع بأسعار مخفضة جداً مقارنة بأسعارنا.. ففي السودان دائماً الصورة ما تكون مقلوبة. إذن.. ماذا دهانا وماذا أصابنا؟..فالأسعار في السودان أصبحت يومياً في ارتفاع..فسعر اليوم يختلف عن سعر الأمس..فالأسعار التي ترتفع لا تنخفض في السودان حتى وإن زالت أسباب ارتفاعها الأمر الذي يؤكد أننا نعيش في حالة فوضى طالما أن هنالك لا يوجد رقيب يسألنا لماذا(نرفع) الأسعار. التجار يتحيّلون بالدولار وارتفاعه رغم الإنتاج المحلي وإيقاف الاستيراد لكثير من السلع ذات العلاقة المباشرة بالدولار.. وأصحاب المواشي يتحيّلون كذلك بارتفاع أسعار الأعلاف رغم المراعي الطبيعية وحركة المواشي التي تجوب المراعي شرقاً وغرباً وشمالاً ولا أظن أن هنالك مبرر لارتفاع الأسعار في ظل الوفرة والمراعي الطبيعية... المواشي متوفرة وكذلك اللحوم..وعندما تذهب للأسواق أو لأماكن اللحوم على مد البصر ويُخيّل إليك أنها ذات أسعار زهيدة أو في متناول اليد، ولكنك ستُصاب بالإغماء عندما تعلم أن سعر كيلو الضأن قد تجاوز ال(35) والعجالي(30) وتقول بالطبع هذا حلم وليس حقيقة... ويا ترى إذا كنا دولة مستوردة فهل ستكون الأسعار كما الآن.. وهل السماسرة والتجار والمضاربين وراء هذا الارتفاع دخلوا في اللحوم وكأنها دولار أو عقارات حيث ارتفعت العقارات الآن ووصلت أسعارها السماء والسبب ا لسماسرة والمضاربات في سوق العقارات؟!.. فنحن سادتي بحاجة إلى وضع سياسة تسويقية واضحة وأسعار تركيزية رغم سياسة التحرير.. التي لا تعني الفوضى.. فحماية المستهلك من جشع التجار من صميم واجبات الدولة على المستهلك السوداني..الذي صبر على السكر واختفائه في رمضان، وصبر وصبر وصبر وبات يتفرج على الأسعار وهي ترتفع ولا تنخفض.. فضغط الدم عند الإنسان عندما يرتفع يبذل الأطباء أقصى ما في جهدهم لإنزاله الحد الطبيعي وعمل علاجات ومعالجات دائمة للاستقرار وهدوء الأحوال الصحية ولكن سوقنا ومسئولينا لا يساهموا في العلاج ويبررون عدم تدخلهم لسياسة التحرير.. نعم سياسة التحرير ساهمت في الوفرة وإغراق السوق وكما هو معروف فإن الوفرة وإغراق السوق يؤديان إلى انخفاض الأسعار ولكن يحدث في السودان العكس فعندما تتوفر السلعة ترتفع أسعارها وهذا ما حدث بالطبع إلى سلعة اللحوم.. فاللحوم متوفرة ولكن!!! فالمقاطعة التي أعلنتها جمعية حماية المستهلك وحدها لا تكفي وقد يحتاط التاجر بعدم(جلب) اللحوم في المسالخ وقد تحتجب (المسالخ) عن الذبح في تلك الأيام المعدودة في إشارة منها لعدم(الخسارة) ونكون يا عمرو(لا رحنا ولا جينا) ولكن في المقابل نقول إنها حسناً فعلت لتنبيه الغافلين عن حماية المستهلك.. نخشى أن ترتفع أسعار (مرقة الدجاج) التي تُستخدم بديلاً للحوم.. إذن.. من يوقف هذا العبث في بلد كما قلنا يحتل المركز الأول في إنتاج الثروة الحيوانية.. ومن يخرجنا كذلك من (براثن) الجوع والفقر وارتفاع الأسعار؟.