كنت أجلس إلى الأخ الأستاذ نبيل مدير التحرير، حيث اعتدت أن أجعل من مكتبه «ملاذاً آمناً» في طريق العبور إلى عالم «الأهرام»، عندما دخلت علينا إحدى الأخوات تحمل رسالة للكاتبة أحلام مستغانمي، وتلح في إيصال تلك الرسالة التي هي عبارة عن دعوة كريمة لزيارة السودان في العشر الأواخر من رمضان، والرسالة عبارة عن تفاعل مع «مقالة إيمانية» للكاتبة أحلام وردت بعدد أمس الخميس، ورأيت في «مؤسسة الملاذات»، وخاصة أن الرسالة مطرزة بالمشاعر الإيمانية الصادقة وأواصر الأخوة الجياشة، رأينا أن نحملها عبر «زاوية الملاذات»، وإلى رسالة الأستاذة صديقة المادح المستشارة القانونية.. السيدة الفاضلة أحلام مستغانمي المحترمة وأنا أطالع زاويتك اليومية في صحيفة «الأهرام اليوم» السودانية بالصفحة الأخيرة ليوم الأربعاء الخامس عشر من رمضان الموافق الخامس والعشرين من أغسطس لعام 2010م؛ ازددت فخراً بهذه المرأة الجزائرية التي أهدت إلينا رائعتها ذاكرة الجسد. ومبعث فخري إحساسي العميق بعظمة ديننا الإسلامي الذي يملأ الجوانح بهذه الإيمانيات العظيمة التي تستشعر عظمة أداء الواجبات الدينية. وقد عشت في الجزائر عدة أشهر، منتصف السبعينيات، وكنت أراها حينذاك بلداً عربياً مسلماً إلا أنه مطلي بالثقافة الغربية، وبعد مرور حوالي ثلاثة عقود رأيت هذه الإيمانيات الرائعة التي تجلت في كتابتك لهذا المقال وأسعدني ذلك أيما سعادة، شعرت بصدق إحساسك بافتقادك للجو الروحاني من صفاء يستشعر مفاهيم شهر رمضان المبارك من رحمة ومغفرة وعتق من النار، وهي ذات المشاعر التي حفزتني إليها ابنتي «ريتا» التي هي في العشرينيات من عمرها، وقد ظلت وما فتئت ترتاد مجالس التلاوة مع صديقاتها حتى انضممت إليهن، واستشعرت ما في تلك التلاوة الجماعية من أمن واستشعار للأمان والطمأنينة، مع حبي لبيروت الجميلة التي زرتها برفقة والدي وإخوتي في بداية السبعينيات، ومع ذكرياتي للروشة والحمراء ومغارة جعيتا وشومودور أوتيل، ومع حب ابني الشاب لبيروت، الذي كان يعمل بمنظمة الإسكوا قبل عدة سنوات ويعتبرها موطناً ثانياً له وتقدر له ذلك الحب والوفاء وتحترمه فيه، ومع صدى كتابات صديقنا الراحل عبد الهادي صديق التي يختتمها بعبارة من بيروت مع حبي، فإنني أقدم لك هذه الدعوة لقضاء العشر الأواخر من رمضان معنا في السودان، حيث نذهب أنا وابنتي لتلاوة ستة أجزاء من القرآن يومياً يتناوب فيها المقرئون القراءة ونتابع نحن فنأخذ إن شاء الله أجر تلاوة القرآن في رمضان بخمس ختمات كاملات حتى بعد صلاة العصر وقد امتلأ المسجد المكيف القاعات بالشيب والشباب نساءً ورجالاً، ثم يحضر الجميع لأداء صلاة التراويح كل في المسجد المقارب لمنزله حتى تفيض الساحات امتلاءً بهم ونستشعر تلك المشاعر الروحانية الجميلة التي تفيض بها روحك الرائعة الجميلة، ويسهر بعد ذلك من أراد مع الفضائيات مع محاضرات الشيوخ الأجلاء خالد الحبير، العريفي، محمد العوضي، الجفري، الكبيسي أو الشعراوي. وأصدقك القول في أن المسلمين الأتقياء يزدادون إيماناً في الغربة، في حين تغلب على البلدان العربية وعلى النطاق الرسمي في رمضان وسائل الترفيه التي تبعد عن الجو الرمضاني من أغان ومسلسلات، وليس أدل على ذلك ما إن ننتهي من صلاة المغرب والإفطار حتى يأتينا برنامج أغاني وأغاني في السودان، ثم بعد ذلك تأتينا زهرة بأزواجها الخمسة. أجدد الدعوة لشخصك الكريم مرة أخرى لتكوني ضيفة عزيزة علينا في السودان في العشر الأواخر حتى نتشارك سوياً رهبة الصيام وهذه الإيمانيات الرائعة. المخلصة مستشارة/ صديقة محمد أحمد المادح وزارة العدل