تحية طيبة تحت عنوان (أغلقوا هذا الباب بالمفتاح والضبة) في عمودك بجريدة (الأهرام اليوم) بتاريخ الأربعاء 4/8/2010م تحدثتِ عن الصناعة وبالأخص صناعة النسيج، فإني أطلب السماح لي بالإدلاء بدلوي لأني من المتخصصين في هذا المجال وعلى دراية به علمياً وعملياً. وضح من المقال أنك لا تقرئين الجرائد. فوزير الدولة السابق قبل مغادرته وزارة الصناعة في فترة الترقب للتكوين الوزاري الأخير أكد في تصريحاته وبياناته التي أصدرها أن الصناعة متطورة وأنه تم تأهيل المصانع وأنها في مصاف الصناعات العالمية، وبما أن المؤمن لا يكذب، فإن الحقائق المعاشة والواقع هما اللذان يكذبان. وأننا أي عامة الناس لا ندري ولا ندري أننا لا ندري مدى التطور والتقدم الذي وصلت إليه البلاد وأننا نعيش في وهم التردي والتخلف ونحن نرى أن رؤوسنا تناطح دول الاستكبار، بل جميع العالم. وهذا دليل على نديتنا وأن الكتوف اتلاحقت ونحن لا ندري!! وتفسير هذا الوهم بسيط وهو أننا لا نرى هذا الإنتاج ولا نحس به في الأسواق المحلية لأنه في الأسواق العالمية وما يظهر منه في الأسواق المحلية هي المخلفات والعوادم، فلذلك تكتبون وتتحدثون عن أن المنتج رديء وغير مطابق للمواصفات وتلك التي لا تجدون مخلفاتها وعوادمها في الأسواق المحلية تكتبون أنها متوقفة ولا تدرون أنها من أحسن المصانع إذ أن جميع إنتاجها بمواصفات عالمية وليست لديهم مخلفات للسوق المحلي (شفتي كيف) ؟!!! وأود أن أوجّه انتباهك إلى أن ما يجري الآن هو بداية من الألف بدلاً من الياء أي أنه يتكرر نفس ما تم من قبل لكنه ليس هناك جديد إذا أراد أن يكون التطور مكرر أي (تطور)2 (تربيع كدا معليش)! فالبرنامج المطروح حسب التصريحات (حصر، إحصاء، معلوماتية، إعادة تأهيل، إحلال) وغيرها. لأن عملية الإحصاء التي تجري حالياً قد تمت في عهد الوزير الأسبق وأودعها بنك المعلومات الذي أنشأه، فالمعلومات التي تبحث عنها الفرق الفنية موجودة بالوزارة وبأحدث النظم والتقانات. (بس أنتم مش عارفين تلقوها). ما يخص صناعة النسيج بعد عملية التحديث التي تمت فإنها سوف تغمر السوق بمنتوجات متنوعة تلبي رغبات المواطن بما فيها إنتاج الجينز ولا ننسى أنها ذات جودة عالية. (ما قلت ليك المقصود تطور تربيع (تطور)2؟. تحدثتِ بقسوة عن ماكينات النسيج وأنها قديمة ولا تفي بأغراض السوق وأنها صُمّمت لغرض معين وقد انتفى هذا الغرض وتطالبين بماكينات حديثة للحاق بالتطورات الحديثة. هناك سؤال لم يخطر ببالك وهو هل أوفت الماكينات بالغرض الذي صمّمت من أجله؟ الإجابة عن هذا السؤال تكشف لنا أين الخلل ولماذا لم نتطوّر!! دعيني أجيب عن السؤال وأقول لا. لم تفِ بالغرض ولم تلبِّ طلب السوق ولو تم ذلك لتم التطور في صناعة النسيج تلقائياً وهذا يقودني لأوضح لكِ بصورة أكثر تعقيداً أن صناعة المنسوجات هي تكنولوجي Technology وليس ميكانيكية Mechanics. وسوء الفهم لهذه العملية هو الذي أدى لتوقُّف صناعة النسيج وليس تدهورها. ولأوضح أكثر كلمة تكنولوجي Technology تعني تصنيع المواد الخام والمعنى الأقرب في اللغة العربية هو كلمة الإنتاج. وعملية النسيج تعني كيف تجعل من الألياف النسجية منسوجات وأقمشة ثم ملابس، والماكينة هي وسيلة وأداة من أدوات عملية النسيج. فالتكنولجست هو الذي ينتج الأقمشة وليس الميكانيكي. وللمعلومية فإن الكثيرين يظنون أنه ما دامت الماكينة تدور فإنها تنتج وهذا فهم مغلوط، فالماكينات بنفسها قامت لدحض هذا الظن لذلك ارتفعت الأصوات بتطبيق نظرية (البصيرة أم حمد) والمناداة باقتلاعها ورميها في المزبلة عقاباً لها على تطاولها وإثباتها أن العيب فينا نحن وليس فيها هي !!! وهذه هي مشكلة الصناعة عامة والنسيج خاصة، فإن لم نتخلّص من العيوب التي نعاني منها فلن نستطيع التخلُّص من عيوب الماكينات. وأوضح لكِ بصورة أخرى أن سبب تدهور الصناعة بما فيها صناعة النسيج هو عدم وجود الإنسان والإدارة الرشيدة. المولى عزّ وجلّ قال «وَكَلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصَيلاً». كما قال جلّ وعلا شأنه «وَلَنَ تَجَدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً» فكل ما خرج عن هذا يدخل في قوله تعالى:«زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ». { نكتة: رئيس أحد الأتيام الفنية التي ذكرتيها خريج جامعي- تخصص أحد فروع العلوم الأدبية. فيما كنتِ قاسية على الماكينات فإنك قد تجنيت على القطن، والقطن لا حول له ولا قوة، فالمواد الخام في الصناعة تكون مصاحبة لها بعض العيوب تتم معالجتها قبل دخول عملية الإنتاج وبعضها تُعالج في إحدى مراحل الإنتاج، والقطن كواحد من هذه المواد يمكن أن تتم معالجة عيوبه (العسلة) في الحقول أو تُخصّص مرحلة من مراحل الإنتاج للتخلُّص من العيوب. ويظهر السؤال هل تمت معالجات للتخلُّص من هذا العيب؟ ذكرتِ أن الصناعات يمكن أن تتطور ما عدا صناعة النسيج. لا أتفق معك في ما ذهبتِ إليه بل أرى أن قطاع النسيج وقطاع الصناعات الغذائية هما المجالان الوحيدان اللذان يمكن أن يتطورا، لسبب بسيط، هو توفُّر المواد الخام وهو عنصر أساسي لنجاح الصناعة. ولكي أزيدك علماً فإن الصناعة تتكون من ثلاث حلقات متداخلة، أي خلل في إحداها يصيب الحلقات الأخرى، والحلقات هي: 1)المواد الخام 2) الآلة 3)العامل والعامل هنا ليس المقصود به الذي يحمل المفك والمفتاح ويحل ويربط في الماكينات، بل يشمل العاملين في قمة الجهاز الإداري إذ لابد أن تكون هذه القمة متخصصة في المجال نفسه أي يكون العقل المفكر أما سياسة التفكير عبر المستشارين وهي ما تسمى ب(تفكير مخ الرقبة) أي التفكير (المشاتر) فلابد أن يكون الرأس المفكر هو الذي يعلم ويملك المعرفة. أما أن يكون التفكير من (الرقبة ولي تحت والراس للف العمة) فقط، فنتائجه هي التخبُّط والتدهور. وما تكتبين عنه ويكتب غيرك بما أني أرى أن اعتقادك قوي في أن هناك تطورا سوف يحدث، فإنني أدعوك لتبني فكرة الصناعة التخصصية في مجال النسيج. ولنبدأ بالأقطان أي الملابس القطنية لما لها من مميزات (توفر المواد الخام، وجود آليات،أفضلية القطن كخامة نسيجية طبيعية، السوق العالمية والمحلية مفتوحة، كما أنه يمكن أن يكون أحد عوامل الجذب السياحية)، حيث يمكن إنتاج أقمشة الجلاليب والقمصان والملابس الداخلية والثياب النسائية الفاخرة والعمم الفاخرة، أما الماكينات فتحتاج لبعض التحسينات والإضافات عوضاً عن التقليع والإبادة. والفكرة فيها مخرج من نفق التخلُّص والتدهور وتعتبر خطوة إلى الأمام. أما فكرة إعادة التأهيل فهي حرث في البحر وإهدار للإمكانيات. فقد تمت من قبل في أكثر من موقع ولم تأت بنتائج، عليه إن كانت هناك إمكانيات أرجو توجيهها لفكرة الصناعة التخصصية حيث أنها تشمل التأهيل أيضاً. وهناك المزيد فإذا احتجتِ لتفاصيل (قولي عووك)! والله الموفق د. سليمان عبدالله سليمان هندسة نسيج معاش إلغاء وظيفة (الحصاحيصا) من المحرر: القصة (مُش) أنا بقرأ جرائد أم لا، ولكن القصة أنكم تعيشون في وهم كبير أتمنى أن تخرجوا منه ومن كومته. كما أحب أن أؤكد لك بأنني على قناعة تامة بأن النسيج السوداني يحتاج إلى دهر كامل لإنعاشه حتى وإن كنت أنت واحداً من مهندسي النسيج.