{ ثقافة الإعلان التلفزيوني عن منتج أو سلعة هي من الثقافات التي جاءتنا مع تمدد البث الفضائي واقتحامه لبيوتنا غزواً من ذات الشمال وذات اليمين وأحياناً كثيرة أسأل نفسي هل يحتاج المعلن الى كل هذا الإنفاق المادي لعمل لا يتعدى الثواني المعدودة بسيناريوهات مختلفة ربما يستعين فيها بنجوم كرة أو فنانين أو ممثلين يطلبون شي وشويات مقابل الإعلان عن المنتج الفلاني. { والعُرف السائد في الإعلان أن يتميز بالإبهار وعوامل الجذب التي تجعل من السلعة ذاتها محل اهتمام المشاهد وربما يسعى لاقتنائها فقط من أجل عيون الإعلان الذي حرّضه على ذلك. { ولكن المسألة لم تعد فقط مجرد عمل يستغرق دقيقة أو اثنتين ويعدي، المسألة في أن هذه الدقائق تترك أثرها لدى المشاهد باللغة التي تستعملها والحبكة التي تبنى عليها خطها الدرامي. { لذلك أصبح للإعلانات، كما للأعمال الدرامية، كُتّابها ومخرجوها وحتى ممثلوها، يعني الحكاية ما سلق بيض فلربما أن إعلاناً وطّن لمفهوم أثره سيء ومدمّر وجعلنا في شغل شاغل بمحتواه وليس عن السلعة التي يعلن عنها، كما فعل إعلان الشاي الذي نشاهده صباح مساء على فضائياتنا وللوهلة الأولى يتأكد لنا أن الإنتاج له باذخ ومترف بدلالة (اللوكيشن) الذي تم فيه التصوير. وفحوى الإعلان أن طفلاً (يتسرّب) بي ليل زيه وزي أي حرامي محاولاً فتح خزانة والده الذي ضبطه بالجرم المشهود وعندما سأله عايز شنو؟ قال ليه بفتش في الدهب الإنت داسيه؟ يعني جاي أسرقك عديل كده وبدلاً من أن يأخذ علقة كاربة يكافئه والده بكوب شاي ساخن في حديقة منزلهم بعد أن يخبره أن هذا الشاي أغلى من الدهب!! { تخيّلوا معي المفهوم الذي تغرسه مثل هذه الإعلانات في أدمغة أولادنا؛ لأنه إن كان من أنتجها وصوّرها وأداها قد فاتت عليه هذه المعاني فالمتلقي صاحي وعارف بشوف في شنو!! { وإعلان آخر لمكيفات تبريد يستعرض ويقنن لحكاية التنقيب عن الذهب عشوائياً الذي فقدنا فيه شباباً في عمر الزهور ليطل علينا رجلان يحملان عينك عينك جهاز كشف الدهب ليهللان ويرقصان والجهاز يطلق صافرته ويظنان أنهما اكتشفا بئر الذهب فيتضح أنهما قد وجدا مكيفاً للتبريد!! { أعتقد ويشاركني في ذلك أهل التخصص أن للإعلان قواعده وأسسه وأبجدياته وليس مجرد كلام في الهواء قد يكون أثره السيء أكبر من الهدف الذي يقصده ويعنيه؛ خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار اللهجة والملامح التي تؤدي هذا العمل؛ لأنه مستفز جداً أن يكون الإعلان عن منتج هو بالأصل يعني أهل السودان وواحد من ثقافتهم التراثية (الصندلية) ويتم الإعلان عنه من خلال بعض النوبيين من جنوب مصر بلهجة هي أقرب لتلك التي (يتهكم) بها البعض على الشخصية السودانية وكأنها من غير الناطقين بالعربية. { لذلك أتساءل: هل هناك قنوات تجيز هذه الإعلانات أم أنها تمر كما تمر حاجات كثيرة دون أن يُدقق في محتواها؟ لتدخل بيوتنا الآمنة ومنها قد يتعلم أولادنا السرقة وحاجات تانية حامياني!! كلمة عزيزة { نفسي ومُنى عيني أفهم الإستراتيجية التي يمضي بها برنامج «استديو النجوم» على الفضائية السودانية؛ إذ أن البرنامج، ودون مقدمات، وجدناه في كسلا ثم في عطبرة دون أن نعلم مصير المتسابقين بالكوم من أولاد الخرطوم. على فكرة، ورغم العدد الهائل للمشاركين ورغم أن أصوات جميلة ظهرت من خلاله إلا أنه لم يحقق النجومية التي يفترض أن تحققها مثل هذه البرامج، عارفين ليه؟ لأنه يفتقد لأهم عنصرين يمثلان نجاح أي برنامج: الأول التقديم والثاني الإخراج، ومع كامل احترامي للأستاذ صلاح طه إلا أنه قد فشل في أن يكون نجماً جاذباً من خلال هذا البرنامج لأن العمل الإذاعي بمفرداته وتعبيراته وحتى لغته يختلف عن كاريزما الإطلالة التلفزيونية التي لها ناسها ووجوهها. أما الإخراج فأحسب أن المخرج لم يكلف نفسه سوى عناء التوجيه برص بعض الكراسي ووضع كاميرا اثنين على جنبات المسرح وكلنا ندرك أن مثل هذه البرامج الغنائية التسابقية تعتمد على الإبهار وسرعة حركة الكاميرا والمسرح المبهر متعدد الزوايا. أعتقد أن الإصرار على استمرارية برنامج «استديو النجوم» هي إصرار على استمرارية برنامج لم ولن يحقق أي نجاح وزي ما جاء زي ما حيمشي!! كلمة أعز { علمت أن أحد المخرجين أطلق على إحدى مذيعات فضائية «تمثال الشمع» وللمصادفة أن ذات المذيعة هي من أطلقتُ عليها يوماً «لوح الثلج» واثنين كان قالو ليك رأسك مافي... شنو...؟