{ النساء قادمات، النساء جئن، النساء أبدعن وشيدن ونجحن وحُزنَ على العديد من الألقاب والمناصب والجوائز، وأي رجل عاقل لا يمكنه أن ينكر فضل النساء عليه. فالمرأة هي أمه وأخته ومعلمته وزوجته وابنته ورئيسته في العمل أيضاً! فلماذا لا يقف كل رجل حكيم وسوي بكل شجاعة على حافة انهياره العاطفي ليعترف بدولة النساء؟ لماذا لا يعترف جميع الرجال بأيام الحب والهناء السعيدة التي عاشوها بفضلنا مهما كانت التحولات التي أصابت مشاعرهم وحولتها إلى كراهية وضغينة وعداء؟! لماذا لا يفكرون جدياً في القيام باستفتاء عام ونزيه يمضي بهم نحو الانفصال ليمنحوا دولة النساء الاستقلال التام وينسحبوا من كل الحروب التي انهزموا فيها وخرجوا خاسرين بعد انتصار كل امرأة عرفوها؟ { إن من حقنا بوصفنا نساء أن نفرح ونبتهج ونتحرر من عقدة الرجل الذي كان دائماً أجمل وأهم عدو تاريخي لنا، لأنه في الأساس كله على بعضه واحد من إنجازاتنا وهو كذلك يعاني من عقدة أوديب، فأي إنجاز أكبر من هذا؟ وأي مساواة نريدها بعد ذلك؟ ولكن هل يجرؤ الرجال على اتخاذ القرار التام بالانفصال؟ هل يحتمل أحدهم ألا يكون سبباً في دموع أنثى أو قبلة لأنظارها؟ هل يحتمل ألا يكون بحراً تسافر به أو شاطئاً لمرساتها؟ هل يحتمل أن يعيش دون إحساسه بالسيطرة علينا والتحكم في تفاصيلنا وحقه في منحنا السعادة أو التعاسة ومشاركته لنا في فضيلة الأمومة؟ إنهم يتذمرون من ثرثرتنا، ومطالبنا الكثيرة، وملاحقتنا لهم باهتمامنا وحبنا، ودخولنا سن اليأس بينما يتمتعون هم بكل فحولتهم، فهل هذه أسباب كافية ليقبلوا بخيار الأطفال ويجعلونا نقيم دولة النساء بعيداً عنهم ودون وجود أي رجل بها؟ { هل سيستريح الرجال ويهنأون في عالم لا وجود لنا فيه؟! هل يعتقدون أن غيابنا التام عنهم سيجلب لهم السعادة ويجعل البهجة هي الملمح الوحيد في حياتهم؟ هل يستطيعون تصريف شؤونهم دون رعايتنا؟ وهل يمكن لأحدهم أن يمضي بحياته دون وجود واحدة منا كجارية تحت قدميه؟ { دعونا نفكر فقط في قيام دولة النساء، رافعات راية العصيان والتمرد على كل الرجال، هؤلاء الأشرار الذين نحبهم ولا يمكننا أن نستغني عنهم أبداً، غير أنهم يهدرون كرامتنا بعدم تقديرهم لوجودنا الحافل بالضوء في لياليهم الحالكة ويعتقدون أننا سبب جميع الأزمات والمشاكل في حياتهم وهذا يؤلمنا ويؤذي مشاعرنا. لماذا دائماً يبحث الرجال عن النساء وراء كل المصائب والكوارث ويتمنون لو أن بإمكان قوافلهم أن تمضي دون أن نكون دليلاً لها، أو حضناً حانياً، أو ساعداً للعون والمؤازرة؟! { لماذا نقضي العمر ولا هم لنا سواهم وسوى السهر على راحتهم؟ لماذا نبقى أبداً موجودين لأجلهم؟ لرفع معنوياتهم، وتأكيد سيادتهم، والنهوض بمستقبلهم، وترتيب تفاصيلهم، والمساهمة في مجدهم ونجاحهم، وملازمتهم في حروبهم مع الحياة حتى يتحقق لهم النصر؟ ثم لا يُعدّ أحدهم سوى قوس نصر لهزيمة امرأة، وفي لحظة فرحه الأكبر ينصب أول مشنقة لاغتيالها!! عجيب أمر الرجال، لا يطيقون منا قرباً أو بعداً، ولا نطيق دونهم حياة، هم على اعتقاد دائم بعدم جدوانا، ونحن على ثقة مفرطة بضرورة وجودهم في كل تفاصيلنا، لا يرون منا إلا كل قبيح ولا نرى فيهم إلا كل جميل، يتربصون بنا ليصطادوا أخطاءنا الصغيرة فيفخموها على مرأى ومسمع من الناس، ونجتهد لنستر جرائرهم الكبرى ونُظهر الوجه المشرق فيهم للآخرين. { عجيب أمر الرجال، نحملهم وهناً على وهن، ونرضعهم حليب الحياة، ونسهر على راحتهم ليل نهار، ثم إذا اشتد عود أحدهم راح يردد: (انعل أبو النسوان)!! { تلويح: لا يمكننا أن نقيم دولة النساء على أنقاضكم، هذا ضد الإنسانية التي تميزنا عنكم.