في مثل هذه الأيام من عام 1962م وتحديداً في يوم 26سبتمبر فاجأ الجيش اليمني العالم باستيلائه على الحكم وإطاحته بالنظام الإمامي الموغل في رجعيته وتخلفه والذي عزل اليمن عن القرن العشرين. ويقال إن الإنقلابيين عرضوا الرئاسة على الضابط السلال الذي قبل وأصبح مشيراً .. وكان اشهر مشير في العالم العربي في ذلك الوقت هو عبدالحكيم عامر قائد الجيش المصري ونائب الرئيس عبدالناصر. وقبل ثورة اليمن أو إنقلابه فما زالوا يتجادلون هل هي ثورة ام إنقلاب كان العالم العربي منقسماً الى معسكرين رئيسيين .. محافظ تقوده المملكة العربية السعودية وتقدمي تتزعمه مصر التي كانت لاتزال محتفظة باسم الجمهورية العربية المتحدة رغم إنهيار تلك الجمهورية في 28 سبتمبر 1961م بانفصال سوريا عنها. لقد كان هذا الإنقسام العربي قبل ثورة اليمن اشبه بالحرب الباردة ثم بعد سبتمبر 62 أيدت مصر ثورة اليمن الى درجة إرسال الجيش المصري ووقوفه ومساندته للنظام اليمني الجديد الذي أعلن الجمهورية. ووقفت المملكة العربية السعودية بالمال والسلاح الى جانب انصار النظام الإمامي الذي أطيح به. ونشبت الحرب الأهلية في اليمن السعيد.. وخسر الجميع. من رأي البعض أن وجود الجيش المصري في اليمن كان أحد اسباب هزيمة مصر في حرب يونيو 67. وكم تغيرت الدنيا ..فقد كان في مقدور مصر أول ستينيات القرن الماضي ان ترسل جيشها الى أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية والآن فإنها لا تستطيع ان ترسل جيشها الى السودان مثلاً الأقرب من اليمن حتى إذا ما تم تقسيمه الى دولتين وحتى إذا ما كانت مقتنعة بوحدته .. والمتخيل ايضاً أنها لن ترسله اذا ما تعرض نصيبها من مياه النيل للنقصان. لقد تغيرت الدنيا وتغيرت الظروف ولم يمس التغير دور مصر وحده وقدراتها وإنما مس معظم دول العالم بما في ذلك تلك التي كانت حتى الماضي القريب قوى كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا. ولقد استمر الدم ينزف في اليمن ورب ضارة نافعة فقد اجبرت هزيمة يونيو 1967 بعض كبار العالم العربي من امثال الزعيم اسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة ومحمد أحمد محجوب رئيس الوزراء على ضرورة لم الشمل العربي فكانت الدعوة الى قمة الخرطوم التي انعقدت فعلاً في أغسطس عام 67 وفي الخرطوم في تلك الأيام العصيبة تمت المصالحة الشهيرة بين الرئيس المصري عبدالناصر والملك السعودي فيصل. ثم انسحب الجيش المصري من اليمن واستمر النظام الجمهوري الذي اقامته الثورة اليمنية حتى الآن وكل عام واليمن بخير.