{ بسبب مشاغل تخصني، بعضها يتعلق بمزاجي الخاص وبعضها بسبب المزاج العام الذي نعيشه، حصرت أكثر مشاهداتي للفضائيات في الأيام الماضية على البرامج السياسية الحوارية ونشرات الأخبار داخلياً وخارجياً ومتابعة ما يقوله المحللون الذين أصبحوا نجوماً هذه الأيام وهم يشخصون ويفندون الحالة السياسية، ومثلي مثل الكثيرين المهمومين بالأحداث الاقتصادية والسياسية ربما نكون قد تركنا هواياتنا وفارقنا برامج الترفيه، لأن الواقع يفرض علينا ذلك مهما حاولنا الهروب منه وتهوين الأمر على أنفسنا، لكنني بالأمس، وبالمصادفة، شاهدت برنامجين هما ربما من أكثر البرامج التي تأخذ اهتماماً وحيزاً وربما مشاهدةً في الفضائيتين اللتين تبثهما، الأول هو برنامج (نجوم الغد) الذي اعترف أنني فارقته كما (فارق الطريفي جمله) منذ أسابيع مضت، لأنني لم أجد فيه النجم الذي سيحقق المشاهدة والمتابعة، وعندما أقول النجم فأنا لا أعني بالتأكيد صاحب الصوت الجميل فقط ولكنني أقصد الحضور والكاريزما وجاذبيته النجومية. وأمس اقتنعت أن البرنامج يلفظ أنفاسه ووصل إلى أسوأ مراحل انعدام الوزن وهو يفتقد لكل عوامل الجذب في مثل هذه البرامج التي تعتمد على الشد، ف (اللوكيشن) قمة في التواضع حتى لكأنه يذكرني بتسجيلات تقدمها الفضائية السودانية لبرامج في السبعينيات.. الأصوات المتنافسة أكثر من عادية.. حركة الكاميرا بطيئة بدرجة مملة مما جعل نسبة ثقالة الدم في البرنامج في حالة ارتفاع مخيفة، وكأن الرتابة والنمطية قد عشعشتا داخل الاستديو الذي تسجل فيه الحلقة، والأدهى والأمر هو إقحام فقرات لا أدري ما الفائدة من ورائها، كالفقرة التي غنى فيها عازف الكمان، وكمان مقدم البرنامج طلب رأي لجنة التحكيم في صوته، عليكم الله ده كلام؟ شاهدوا مثل هذه البرامج إن كانت عربية أو غربية وستجدون أنها تجتذب المشاهد بالجديد المبتكر، وأنتم تنفرونه بالتقوقع داخل الفقرات وسبهللية الفكرة والمضمون، لذلك أرجو أن يعيد الإخوة في برنامج (نجوم الغد) النظر في البرنامج لأن الفكرة والغرض لوحدهما لا يمنحان النجاح لبرنامج يجب أن يعتمد على الإبهار والتجديد كما اعتماده على الأصوات المميزة، لأن الأصوات العادية مالية البلد وما محتاجه لبرنامج يكتشفها! أما البرنامج الثاني الذي لم أشاهده منذ زمن فهو برنامج (بيتنا) على الفضائية السودانية، الذي لفت نظري بفقراته المتعددة التي يبدو أن القائمين عليها قد بذلوا مجهوداً كبيراً في الإعداد لها واجتهدوا في أن تكون متنوعة إلى حد كبير، ولا أدري إن كانت هذه هي حالة البرنامج طوال الأسبوع، أم أن فريق الأربعاء هو من تميز بحلقة استثنائية شدتني حتى نهاياتها؟ لكن للأمانة وبالصدق أقول إن وجود مقدمة برامج متمكنة كغادة عبد الهادي هو مكسب للبرنامج، لأنها أولاً مثقفة وتمتلك مقداراً عالياً من الحضور أمام الكاميرا ولها شخصيتها المميزة ومفرداتها المعبرة، إلى جانب انها تمتلك وجها مريحا وغير مستفز، يشعرك بأن صاحبته منك وعليك، وأرجو أن تظل حريصة على تطوير نفسها لأنه لا زال أمامها الكثير. في كل الأحوال هذه سيرة برنامجين أحدهما تراجع إلى الخلف والآخر سجل خطوات إلى الأمام، وإن كان برنامج (مساء جديد) قد سجل سبقاً على (بيتنا) وهو ينقل اللحظات الأولى لعودة الطفل المختطف عبد الوهاب إلى أهله وذويه، لكن هذا لم يقلل كثيراً من تميز الحلقة التي شملت العديد من المواضيع التي تهم البيت السوداني. { كلمة عزيزة التحية للشرطة السودانية وهي تسهر على راحة المواطن والشكر لأفرادها وهم يعيدون البسمة لأسرة الزميلة نهلة التي عانت أقسى محنة إنسانية باختطاف طفلها الأسبوع الماضي. { كلمة أعز لا زال سؤالي قائماً: لماذا أُنهي عقد إسراء عادل من النيل الأزرق رغم تميزها وكفاءتها؟