أصبح لمراكز البحوث والدراسات دور ريادي في قيادة العالم، حيث أصبحت هذه المراكز أداة لإنتاج العديد من المشاريع الإستراتيجية الفاعلة، ولقد ازاداد عدد هذه المراكز في العالم لا سيما في أوروبا وأمريكا وتنوعت تخصصاتها في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والعلوم الأخرى. إن مراكز الدراسات والبحوث في السودان من الممكن أن تقوم بدور إيجابي كبير رغم ما يكتنفها من صعوبات، ويمكن أن تكون مدخلاً للإصلاح المعرفي جنباً إلى جنب مع الجامعات والمعاهد العليا، وهي التي نجحت في تحقيق ربط بين المثقفين والمجتمع، كما أفلحت في إبراز قدر معقول من الإنتاج الفكري السوداني وتشجيع البحث العلمي ورفع الوعي ببعض القضايا الإستراتيجية والمفصلية وتأهيل الكوادر المقتدرة وأيضاً تساعد في إنتاج دراسات حول التنمية واتخاذ القرار وهي التي أقامت جسراً بين الأكاديميين وصناع القرار السياسي. ولحاجة السودان وأفريقيا الماسة للدراسات والبحوث في ظل التحديات الراهنة التي تتطلب المزيد من الاهتمام بالبحوث والدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها؛ تم إنشاء المركز العالمي للدراسات الأفريقية كمركز بحثي طوعي غير حكومي تم تأسيسه في العام 2005 ليعمل على بلورة وإعداد دراسات تساعد جهات اتخاذ القرار الرسمي والشعبي على وضع السياسات والتعامل السليم بالكفاءة العالية مع مختلف القضايا والتحديدات من منظور إستراتيجي، وإيجاد ذخيرة معرفية تتميز بالعمق والشمول والنظرة الجريئة الثاقبة لوضع السياسات. يعتمد المركز في تحقيق أهدافه على عدة وسائل منها إعداد ونشر البحوث والدراسات وتنظيم البرامج من منتديات وسمنارات وورش عمل واستكتاب العلماء والخبراء في كافة الجوانب الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتأسيس قاعدة عريضة للتناول المعرفي المتعمق لقضايا السودان وأفريقيا مع التركيز على المعالجة البحثية المتكاملة لأوضاع مجتمعاتنا الأفريقية الراهنة ودراسة قضايا ومعوقات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السودان وأفريقيا وخلق روابط وشبكات التعاون بين الباحثين والمهتمين بقضايا القارة الأفريقية، والاهتمام بدراسة المآلات الإستراتيجية المستقبلية للقارة الأفريقية، مع ضرورة التوعية بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في القارة الأفريقية. وقد انطلق المركز في نشاطاته المختلفة من أهدافه التي حددها مرسوم إنشائه فعمل على تعزيز الانتماء الوطني وتقديم الرأي والمشورة لأجهزة الدولة المختلفة، وقد تنوعت نشاطات المركز وامتدت إلى مختلف البقاع من خلال إصداراته المتعددة بالعربية وغيرها من اللغات الأجنبية، كما أولى اهتمامه وعنايته بالدراسات والبحوث المستقبلية من خلال رؤية عملية استشرافية لمستقبل السودان وأفريقيا مع الالتزام بالمنهجية العلمية الصارمة بموضوعية وعقلانية نافذة في التناول والدرس والمعالجة، وتنظيم وإعداد عدد مقدر من المناشط الفكرية (محاضرات، ندوات، ورش عمل، دورات تدريبية). وإذ تشهد العاصمة السودانية الخرطوم حراكاً سياسياً وثقافياً يرمي إلى ترميم جدار الوحدة الوطنية قبيل إجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في يناير 2010م الذي يأتي في ظروف دولية وإقليمية معقدة، في الإطار نظم المركز العديد من الندوات وورش العمل، بل أسس وتبنى المنتدى الدائم للوحدة الجاذبة الذي تم افتتاحه في يناير من العام الحالي، إضافة إلى إجراء وإعداد مجموعة من الدراسات والبحوث التي بإمكانها أن تسهم في جعل وحدة البلاد هي الخيار الجاذب. سامي هاشم عثمان إعلام المركز العالمي للدراسات الأفريقية.