{ جاء في القرآن الكريم «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ» (الآية 144 البقرة) وهي آية معلومة متعلقة بتغيير القبلة من جهة بيت المقدس «القُدس» إلى بيت الله الحرام «بمكة»، وقد جاء أن المسلمين وهم يؤدون صلاة الصبح قد نزلت هذه الآية وتغيّرت عندئذ القبلة، فذكر ذلك أحد المارة على المصلين فغيّروا إلى وجهة البيت الحرام استجابة مباشرة دون جدال. { القبلة مركز توجُّه المسلمين في أركان الأرض لربهم خمس مرات في اليوم ومدى الحياة، وهي محور الدنيا والآخرة، وحولها فقط يؤدي ركن من أركان الدين الإسلامي نطوف حولها ربطاً بالسماء، وتتعلق القلوب المؤمنة بها وأول ما تُشد الرّحال إليها. { القبلة هي عين الكعبة، فمن كان مقيماً بمكة أو قريباً منها فإن صلاته لا تصح إلا باستقبال عين الكعبة، إذ لا يكفيه الإتجاه إلى جهتها ما دام بمكة. أما في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يجب على المصلي أن يتجه إلى نفس إتجاه محراب المسجد النبوي فإنه يستقبل عين الكعبة، وقد ذكر ثلاثة من الإئمة صحة الصلاة إذا حدث انحراف في استقبال القبلة. أما خارج الحرمين فقد جاء في فقه الصلاة أن المساجد التي أُسست على عهد الصحابة تُعتبر محاريب يؤخذ بها كقبلة في بناء المساجد الأخرى مثل المسجد الأموي بدمشق ومسجد عمرو بن العاص بمصر ومسجد القيروان في المغرب العربي. { قديما يلجأ المسلمون خارج الحرم لتحديد القبلة في استخدام الكواكب «وَبِالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون» وهؤلاء أصحاب علم ودراية. وبموجب ذلك جُعلت بعض المساجد (قبلة) يؤخذ بها لبناء المساجد الأخرى، وقد يحدث بعض الانحراف في القبلة «عين الكعبة» وللأئمة الأربعة آراء في ذلك يتفقون ويختلفون، وظل المسلمون على هذا النحو عهداً طويلاً. { التقدم العلمي تطوّّر تطوراً كبيراً بين اليوم والأمس وقد كُنا بالأمس القريب نعتمد كثيراً في شأننا على أجهزة ما عادت ذات بال (المسطرة المتحركة) لدى المهندسين تحولت للآلة الحاسبة الرقمية والحاسوب، والبوصلة استبدلت بنظام (قوقل) ذي الإحداثيات الدقيقة. { بدأت مظاهر حديث حول صحة القبلة في المساجد بعد ظهور هذا العلم الدقيق في الإحداثيات الذي أبرز بعض الانحراف في القبلة. ومن المعلوم من الدين بالضرورة هو صحة القبلة التي بها تصح الصلاة «باستصحاب رأي الأئمة». وهنا يتبادر للذهن سؤال هل يمكن إخضاع كل مساجد المسلمين في العالم لهذا العلم؟. وما هو حكم الصلاة إذا وُجِد أن انحرافاً قد وقع وهو واقع لا محالة؟ { وددنا أن نُثير هذه القضية لعلماء السودان للدراسة وإصدار ما يحفظ للمسلمين قبلتهم ومساجدهم، خصوصاً أن بعض الجماعات قد تأخذ الأمر بيدها، وسوف تعمل بكل جد في تصحيح القبلة، وهو عمل محمود ولكنه يحتاج لجهة علمية مسؤولة عن الفتوى، ومن ثمّ جهة مسؤولة عن التنفيذ إذا اقتضى الأمر، حتى لا تكون بيوت الله عُرضة للخلاف والاختلاف. {وعلى وزارة الأوقاف الاهتمام بالأمر والتنسيق مع وزارة التخطيط العمراني والجهات المختصة في التأكُّد من استخدام الأجهزة الحديثة في تحديد القبلة للمساجد الجديدة وأن يكون ذلك أحد شروط التصديق على البناء، ويا حبذا إن صدر كُتيّب يحدد القبلة في كل الولايات. والسلام،، { مخرج.. هذه الرسالة برسم (صديق الملاذات) الباشمهندس محمد محمد نور الشركة الوطنية للطرق والجسور.