«الأهرام اليوم» حاولت دخول المسرح القومي السوداني نهار الأربعاء الماضي؛ للوقوف على آخر أعمال الدراميين وانطباعاتهم عن مجلس المهن الموسيقية والدرامية الجديد، الذي تقلد فيه الأستاذ المسرحي علي مهدي نوري منصب الرئيس، ونال الدكتور الموسيقار عبد القادر سالم مقعد الأمين العام، ولكن حارس الشركة الأمنية رفض كل رجاءات «الأهرام اليوم» للسماح لها بالدخول، وقال «إن بعض زملائكم نشروا غثَّ الحديث»، لذلك وجهت إدارة المسرح القومي الاستقبال بعدم السماح لأي صحفي بالدخول ما لم يكن يحمل خطاباً رسمياً من صحيفته. وإنه لأمر عجيب فعلاً، المسرح والدراميون الذين من المفترض أن يكونوا بين الناس يعيشون أفراحهم وأتراحهم ليترجموها أعمالاً مسرحية ودرامية، إذاعية وتلفازية، وأخرى مباشرة على الخشبة؛ يتوارون الآن خلف «حراس» شركة أمنية، لأن صحيفة ما انتقدت ركناً من أركان المسرح، أو عملاً من أعماله، أو شيئاً متصلاً به. وأهل المسرح يدرسون النقد في كليتهم ويتخصصون فيه.. فإذا كان انشقاق الدراميين الذي فاق خلافات الشريكين في الحكم وتناول الصحافة له كحدث ماثل للعيان هو السبب؛ فإن الدكتور شمس الدين مدير المسرح القومي سيضطر لتمديد المنع حتى تفوق مدته حصار غزة، إلا إذا هدى الله أهل الدراما واجتمعوا على كلمة سواء من أجل اللحاق بركب الدراما العالمية والإقليمية التي بدأنا قبلها، خاصة العربية عدا مصر، وتذيلنا قائمتها الآن بجدارة، فبدلاً عن المنع، كان على الدكتور شمس الدين وكل حملة الدرجات العلمية في هذا الشق من الفن، العمل على إنتاج دراما منافسة تقنع «تربال» مشروع الجزيرة الذي يفلح أرضه ويجلس أمام التلفاز ليلاً يتسلى؛ بأن هناك دراما سودانية تنافس المطروح عربياً، فقد وصلنا إلى الدرك الأسفل حقاً، وأصبحنا نشاهد دراما سورية، وصينية، وهذا ليس تقليلاً من شأنهما، ولكن لماذا ندفع آلاف بل ملايين الدولارات كل عام لاستيراد دراما تتحدث عن سور الصين العظيم، وأخرى عن مهند التركي الذي «جهجه» أفكار فتياتنا فما عدن يرغبن في العريس «الشين»، وثالثة سورية خرجنا منها بمفردة «زنقيل» و«المصاري» التي طارت من ثلاثة أرباع الشعب السوداني إلى الأبد؟ أما المسرح الذي حمل الراحل أبو قبورة وإبراهيم حجازي وكل الرواد «قُداحة المونة» على أكتافهم لكي يرى النور؛ فإن أعظم ما فيه «حراس عتاة» يمنعون أهل الصحافة الدخول!